هَلْ غَادَرَ الشّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ + أَمْ هَلْ عَرَفْتَ الدّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ
شرح الكلمات:
- المتردم: الموضع الذي يسترقع ويستصلح لما اعتراه من الوهن والوهي، والتردم أيضًا مثل الترنم، وهو ترجيع الصوت مع تحزين.
- تَوَهُّم: ظن وشك.
معاني البيت:
يقول: هل تركت الشعراء موضعًا مسترقعًا إلا وقد رقعوه وأصلحوه؟ وهذا استفهام يتضمن معنى الإنكار، أي لم يترك الشعراء شيئًا يصاغ فيه شعر إلا وقد صاغه فيه، وتحرير المعنى: لم يترك الأول للآخر شيئًا، أي سبقني من الشعراء قوم لم يتركوا لي مسترقعًا أرقعه ومستصلحًا أصلحه، وإن حملته على الوجه الثاني كان المعنى: إنهم لم يتركوا شيئًا إلا رجعوا نغماتهم بإنشاء الشعر وإنشاده في وصفه ورصفه، ثم أضرب عن هذا الكلام وأخذ في فن آخر فقال مخاطبًا لنفسه: هل عرفت دار عشيقتك بعد شكّك فيها، وأم ههنا معناه بل أعرفت، وقد تكون أم بمعنى بل مع همزة الاستفهام، كما قال الأخطل: [الكامل]:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط + غلس الظلام ممن الرباب خيالا
أي بل أرأيت، ويجوز أن تكون هل ههنا بمعنى قد كقوله عز وجل: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَان} [الإنسان:1] أي قد أتى.
يسأل عنترة عن الشعراء السابقين، هل تركوا للشعراء اللاحقين مجالاً للإبداع، أم أنه انتهى عندهم ولم يتركوا للآخرين شيئاً يمكنهم قوله؟ ويسأل عن دار عبلة، هل تعرفها بعد غيابك عنها طويلاً، أم أنها مازالت غريبة عليك؟
التحليل:
يعبر عنترة في البيت الأول من معلقته عن شعوره بالتحدي تجاه الشعراء السابقين، فهو يعتقد أنه قادر على أن يضيف إلى الشعر شيئاً جديداً، وأن يترك بصمةً خاصةً به في هذا المجال. كما يعبر عن شعوره بالحنين إلى دار عبلة، فهو يتذكرها ويحن إليها، ويسأل نفسه إن كان سيتمكن من التعرف عليها بعد غياب طويل.
الأسلوب:
يستخدم عنترة في البيت الأول أسلوب الاستفهام، فهو يطرح سؤالين على نفسه، الأول عن الشعراء السابقين، والثاني عن دار عبلة. ويستخدم أيضاً أسلوب التورية، فهو يقول "هل غادر الشعراء من متردم؟" ولكنه يقصد "هل ترك الشعراء السابقون للشعراء اللاحقين مجالاً للإبداع؟".
التأثير:
يترك البيت الأول من معلقة عنترة تأثيراً كبيراً على القارئ، فهو يشعره بإبداع الشاعر وقوة شخصيته، كما يشعره بالحنين إلى الماضي والأمل في المستقبل.
التسميات
شرح معلقة عنترة بن شداد