شرح وتحليل: مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعًا + كجلمود صخرٍ حطَّه السيلُ مِنْ عَلِ



مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعًا + كجلمود صخرٍ حطَّه السيلُ مِنْ عَلِ


الكر: العطف، يقال: كرّ فرسه على عدوه أي: عطفه عليه، والكر والكرور جميعًا الرجوع، يقال: كر على قرنه يكر كرًّا وكرورًا، والْمِكَر مفعل من كرّ يكرّ، ومفعل يتضمن مبالغة كقولهم: فلان مسعر حرب وفلان مقول ومصقع، وإنما جعلوه متضمنًا مبالغة؛ لأن مفعلًا قد يكون من أسماء الأدوات نحو المعول والمكتل (زنبيل يُعمل من الخوص) والمخرز، فجعل كأنه أداة للكرور وآلة لسعر الحرب وغير ذلك.

مِفَرٍّ: مفعل من فرّ يفرّ فرارًا، والكلام فيه نحو الكلام في مِكَرّ.
الجلمود والجلمد: الحجر العظيم الصلب، والجمع جلامد وجلاميد.

الصخر: الحجر، الواحدة صخرة، وجمع الصخر صخور.
الْحَطّ: إلقاء الشيء من علو إلى سفل، يقال: حطه يحطه فانحط.

وقوله: من عَلِ أي: من فوق، وفيه سبع لغات، يقال: أتيته من علُ، مضمومة اللام، ومن علو بفتح الواو وضمها وكسرها، ومن عليْ، بياء ساكنة ومن عالٍ مثل قاضٍ، ومن معال، مثل معاد، ولغة ثامنة يقال من علا، وأنشد الفراء:
باتت تنوش الحوض نوشًا من علا + نوشًا به تقطع أجواز الفلا

وقوله: كجلمود صخر، من إضافة بعض الشيء إلى كله مثل باب حديد وجبّة خز، أي: كجلمود من صخر.

يقول: هذا الفرس مِكَرّ إذا أريد منه الكرّ، ومِفَرّ إذا أريد منه الفر، ومقبل إذا أريد منه إقباله، ومدبر إذا أريد منه إدباره.

وقوله: معًا، يعني أن الكر والفر والإقبال والإدبار مجتمعة في قوته لا في فعله؛ لأن فيها تضادًا، ثم شبهه في سرعة مَرِّه وصلابة خلقه بحجر عظيم ألقاه السيل من مكان عالٍ إلى حضيض.


ليست هناك تعليقات