بالرغم من قلة ما وصلنا من أخبار عن آثار العرب المعمارية في شبه الجزيرة العربية موطن العرب الأول إلا أنه يوجد من الأدلة المادية (حصون وآطام وسدود) وأدبية (قول منظوم ومنثور) ما فيه حجة دامغة على أنه كان للعرب عمارة خاصة بهم قامت في بلادهم. من ذلك ما ورد في كتب التاريخ مثل: سيرة ابن هشام عن الحصون والآطام التي كانت تحميهم عند غارات القبائل الأخرى.
وقد انتشرت هذه المباني الحصينة في أرجاء الجزيرة وظل بعضها باقيا حتى ظهور الإسلام، وشاهد بقاياها الجغرافيون المسلمون ومنهم العلامة الهمداني الذي استعرض بعضها خاصة ما شاهده في اليمن في منطقة اليمامة.
وقد كانت هذه المباني في غاية المناعة لسماكة بنائها فقد وصل سمك بعضها إلى ما يقرب من ثلاثين ذراعا، ويذكر الهمداني أيضا أن أسواق اليمن واليمامة كانت محصنة بأسوار ضخمة وسميكة وعلى مداخلها أبواب من الحديد كما يحيط بها الخنادق لحمايتها.
وقد دلت أعمال المسح الآثاري والحفائر على صحة ما ذكره الهمداني وغيره من الجغرافيين المسلمين, حيث كشفت حفائر الفاو عن خبرة عرب الجزيرة (قبل الإسلام) بفنون العمارة، ومما لا شك فيه أن هذه الخبرة ظلت بعد ظهور الإسلام وأثرت في العمارة الإسلامية ولعل ما كشفته لنا حفائر الربذة من عناصر معماريين مختلفة، سواء كان ذلك في مواد البناء أو في صنعة البناء خير دليل على خبرة العرب المعمارية.
أضف إلى ذلك أن العرب كانوا أصحاب تجارة مما يسر لهم الاحتكاك بعمائر دول وممالك أخرى مثل العمارة البيزنطية في الشام (مملكة الغساسنة) والعمارة الساسانية في العراق (مملكة المناذرة).
كذلك كان للعرب مدنهم المعمورة مثل: مكة والطائف ويثرب وعكاظ. وقد كان بعض هذه المدن يقع في طريق التجارة البرية وبعضها الآخر يقع على الساحل مما جعلها موانئ مهمة.
كما توفر لدى العرب العوامل المساعدة على قيام طراز معماري وأولاها العامل الديني حيث انتشرت الديانات المختلفة كعبادة الأصنام وما تستلزمه من تماثيل والديانة اليهودية والنصرانية وما يستلزمه ذلك من معابد وأديرة وصوامع بالإضافة إلى الكعبة التي كان يحج إليها الناس من كل مكان في شبه الجزيرة العربية.
أضف إلى ذلك عامل البيئة بما يشمله من مناخ (حرارة وبرودة ودفء واعتدال ومطر) وتكوينات جيولوجية (أحجار وصخور وقوالب اللبن وجذوع أشجار ونخيل) وجغرافية المكان الذي يقع على طريق التجارة بين الشمال والجنوب.
كما أن القرآن الكريم الذي نزل بلغة العرب ومخاطبا عقولهم قد أشار إلى البنيان والعمائر (البروج والحصون والقصور والغرف) في غير موضع، والأحاديث النبوية الشريفة وتشبيهها للمؤمنين بالبنيان الذي يشد بعضه بعضا والرجل الذي بنى دارا فأتمها إلا موضع لبنة.
أما الفنون التشكيلية مثل: النحت والتصوير فقد ارتبطت بالديانة الوثنية وعبادة العرب للأصنام، ومما لا شك فيه وجود صناع للتماثيل والصور كذلك أشارت الأحاديث النبوية الشريفة إلى المصورين الذين كانوا يقومون بصنع التماثيل ونهتهم عن ذلك العمل.
كذلك اتصلت معرفة العرب بالفنون التطبيقية بحياتهم اليومية مثل صناعة الفخار والحلى والنسيج والجلود والأسلحة وغيرها.
التسميات
آثار إسلامية