المدارس الديرية في العصور الوسطى.. استخدام العصا لتأديب المتعلمين وكذا الحبس والصوم الإجباري وعدم الطلاب الداخليون على فرص اللعب إلا قليلا



كانت المدارس الديرية تقبل أنواعا من الطلبة بعضهم أعدوا أنفسهم ليكوهنوا رعبانا داخل الدير ولهذا سموا بالداخليين interni وكذلك العمل كرجال دين خارج الدير ولهذا سموا بالخارجيين externi والبعض الآخر كانوا لا يرغبون الاشتغال بالدين إطلاقا.

وهكذا لم تكن المدارس الديرية في هذه الفترة قاصرة عل تعليم الديريين بل أنها استقبلت طلابا للعلم من غير الديريين أول مرة في تاريخها.

ومنذ بداية القرن التاسع غدا لكل دير مدرستان منفصلتان إحداهما للديريين المتفرغين للعبادة وأخرى للطلاب الخارجيين وبذلك أسهمت المدارس الديرية في نشر الحركة التعليمية إلى حد ما على الرغم أن نظمها ومواد دراستها ظلت دينية في أسلوبها وأهدافها فضلا عن أن النظام فيها كان صارما فلا يحصل الطلاب الداخليون على فرص اللعب إلا قليلا كما كان الهدوء سائدا حتى في فترات الراحة بين الدروس.

وعرف استخدام العصا لتأديب المتعلمين وكذا الحبس والصوم الإجباري وكلها كانت من الوسائل المألوفة.

كما أن تعليم العلمانيين لم يكن له نظام ثابت مما يترتب عليه بقاء أغلب من التحق به جهالا لا يعرفون القراءة والكتابة أن التعليم اتسم بالحزم والقسوة وضعف المستوى العلمي بالنسبة للقائمين عليه كما أن الدروس كانت تلقى شفهيا بشبب ندرة وارتفاع أسعارها وغلو ثمن الورق.

لقد قام الدير بدور بالغ الأهمية، فإذا كان قيام الدير غير مشروط بوجود مرسة فيه فإن كل دير كانت به مكتبة ضمنت على الأقل عدة نشخ من الإنجيل وبعض المؤلفات في اللاهوت.

ولما كانت الأديرة تتمتع في العصور الوسطى بممتلكات وأراض واسعة فإنه صار من الضروري وجود سجلات وأرشيف في كل دير لضبط حساباته وقيد إيراداته ومصروفاته.

كذلك حرصت الأديرة على الاحتفاظ بقوائم بأسماء أعضائها الأحياء منهم والأموات فضلا عن أسماء بعض الصالحين من نزلاء الأديرة المجاورة.

ثم إن إحياء الأعياد والشعائر الدينية بالدير تطلب وجود تقويم يتضمن مواعيد دكرى القديسين كما حرص الكثير من الأديرة على أن يكون فيها حوليات لتدوين أهم الأحاث الجارية داخل الدير وخارجة مما جعل هذه الحوليات الديرية المصادر الوحيدة في كثير من الأحيان لتاريخ بعض البلدان الأوربية في العصور الوسطى.