الجغرافيا علم التوزيعات.. الاختصاص بتوزيع أي شئ بصرف النظر عن صلة هذا الشيء بالجغرافيا



الجغرافيا علم التوزيعات:
اقترح بعض الجغرافيين خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر تعريف الجغرافيا بأنها علم التوزيعات.

غير أن هذا التعريف لم يلبث ـ بحكم قصوره ـ أن لقي نقداً شديداً من جغرافيي القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين يتلخص في:

1ـ إذا كانت الجغرافيا علم التوزيعات فما حدودها؟
إن كل شيء على سطح الأرض يقع بالضرورة في مكان، أي لكل شئ توزيعاً على سطح الأرض أو على سطح جزء من الأرض.

ومعنى هذا أن الجغرافيا تبعاً لهذا التعريف تختص بتوزيع أي شئ بصرف النظر عن صلة هذا الشيء بالجغرافيا.

2ـ أن تعريف الجغرافيا بعلم التوزيعات واختصاصها بتوزيع أي شي، يجمع داخل نطاق الجغرافيا أشياء وظاهرات متنافرة مما يفقد الجغرافيا وحدتها.

والمعروف أن الوحدة والتجانس بين الظاهرات التي يدرسها أي علم شرط أساسي لعلمية هذا العلم.

وهذا يفتح المجال لاتهام الجغرافيا بأنها علم مركب يضم خليطاً متنافراً من الموضوعات التي لا تعدو أن تكون أجزاء من علوم أخرى.

3ـ أن تعريف الجغرافيا بعلم التوزيعات يسلب الجغرافيا كيانها المستقل عن العلوم الأخرى، ذلك أن التوزيع فى الحقيقة هو منهج علمي تستخدمه علوم كثيرة.

فعلم الجيولوجيا يعنى بتوزيع الظاهرات الجيولوجية كالبراكين مثلاً.
وعلم النبات يعنى بتوزيع الصور النباتية.
وعلم الحشرات يعنى بتوزيع مختلف أنواع الحشرات... وهكذا.

وليس معنى هذا ألا يتعرض الجغرافي للتوزيع ذلك أن التوزيع هو نقطة البداية الحقيقية لدراسة أي ظاهرة جغرافية.

كل ما في الأمر أن الدراسة الجغرافية هى أوسع وأشمل بكثير من مجرد توزيع ظاهرة ما أو مجموعة من الظاهرات توزيعاً مكانيا على الخريطة.