شرح وتحليل النص القرائي التحقيق لتوفيق الحكيم - يوميات نائب في الأرياف



النص:
التحقيق، ص- 132.
طلبت القضية التالية، فظهر العسكري ومعه آخر وفتحا باب مكتبي على مصراعيه، وجذب داخل الحجرة أكثر من ثلاثين رجلا وامرأة وولدا قد شدوا في حبال من الليف، إذ لم يجدوا في المركز لكل هذا العدد قيودا حديدية. فما تمالكت أن صحت لمنظرهم:
- الله أكبر! أهؤلاء مواشٍ؟ حل الحبال یا عسكري.
فقال الحارس وهو يحل بأسنانه عقدة حبل:
- فتشنا يا سعادة النائب بيوتهم، فوجدنا فيها ممنوعات....

فأدرت بصري في هؤلاء الآدميين، واستعدت في مخيلتي ما قرأته الساعة عن تهمتهم في الأوراق التي أمامي وقلت:
- ممنوعات! فاستدرك الحارس:
- الملبوسات يا سيدي.

نعم. إن ما قرأت الساعة هو أن سيارة كبيرة كانت تحمل أكياسا ضخمة مملوءة بمختلف الملابس القطنية والصوفية من معاطف وستر وسراويل، وبأنواع من الأحذية الجلدية لحساب متجر من المتاجر الشهيرة في القاهرة، وكانت تجتاز ليلا بكل هذا جسر الترعة المحاذية لدائرة الناحية، فسقط منها في الماء كيس كبير مفعم بألوان الملابس، ولبث الكيس في أعماق الترعة حتى انخفض منسوبها، وانحسر الماء عن البضاعة. فهرعت تلك البلدة العارية إلى الكنز الذي لا يشابه كل الكنوز وتسابقت الأيدي إلى الكيس الراقد في الطين تجذب من بطنه ما تصل إليه، فإن كان سروالا من الصوف لُبس في الحال فوق الجلباب الأزرق.. وإن كان حذاء لامعا وضع في الأقدام بغير جوارب.

ومضت البلدة تجري في الطرقات فرحة مهللة (...) إلى أن رآهم رجال الحفظ (...) واستغربوا أمرهم واكتشفوا سرهم…
ورأيت أول الأمر أن أسلهمهم جملة عَلَّنِي أظفر منهم باعتراف ييسر علي مهمتي. فألقيت عليهم نظرة شاملة: 
- سرقتم الملابس؟
فأجابني من بينهم صوت عميق رزين:
- أبدا، والله ما سرقنا ولا نعرف السرقة؛ البحر رمى الكيس وكل واحد منا أخذ نصيبه (...)
- المسألة مسألة قانون. والقانون صریح : إن كل من وجد شيئا مملوكا للغير وحفظه بنية امتلاكه يعامل معاملة السارق. فهمتم ؟

توفيق الحكيم "يوميات نائب في الأرياف"
مكتبة الآداب، القاهرة
الصفحة 62 (بتصرف)
نوعية النص:
نص سردي من رواية (يوميات نائب في الأرياف).

صاحب النص:
توفيق الحكيم..

مصدر النص:
يوميات نائب في الأرياف: مكتبة الآداب القاهرة، ص- 62 (بتصرف).

العنوان:
- تركيبيا: التحقيق: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره وخبره محذوف تقديره "جارٍ". 
- دلاليا: التحقيق مصطلح قانون، وهو عبارة عن مجموعة من الإجراءات والوسائل المشروعة قانونـاً والتي يقوم بها المحقق لكشف واستجلاء غموض الحادث والتوصل إلى فاعله وإسناد الاتهام له.

الصورة:
رسم ملون يظهر فيه مجموعة الأشخاص بملابس قرويين وهم في مكتب إدارة ما، كما يظهر شرطي وهو يفك الحبال من أيدي هؤلاء، مما يدل على أنهم متهمون بتهمة ما.

فرضيات النص:
من خلال تحليل العتبات نفترض أن النص: سيحكي قصة الجريمة التي ارتكبها القرويون. سيصف تفاصيل التحقيق مع القرويين. سيعرف التحقيق لغة واصطالحا.

اللغة:
مصراعيه: دفتا الباب.
الترعة: قناة واسعة تتخذ للسقي أو الملاحة.
مفعم: مملوءة.
انحسر: زال وتقلص.

الفكرة العامة:
جهل أهل القرية للقانون جعلهم سببا في تورطهم في قضية سرقة غير مقصودة.

الأفكار الأساسية:
1- إحضار العسكري المتهمين المقيدين بحبال الليف أمام النائب العام.
2- سقوط الكيس المملوء بالملابس في الترعة وتسابق وهرع سكان القرية إليه، وأخذهم محتوياته.
3- اكتشاف رجال الحفظ لسرهم واقتيادهم إلى المركز بتهمة السرقة.
4- تفسير ما قام به هؤلاء بالسرقة الموصوفة حسب رأي القانون.

التحليل:
دوافع السرقة: الظروف الاجتماعية؛ الأمية، الفقر، الحاجة، الجهل بالقانون.
تفسير القانون لما قاموا به هؤلاء بالسرقة وهي جناية يعاقب عليها القانون.

الشخصيات:
- النائب/ صفاتها النفسية: حنون – صارم - نزيه/ صفاته الاجتماعية و الثقافية: مستوظف – عالم بالقانون
- الحارس/ صفاتها النفسية:قاس/ صفاته الاجتماعية و الثقافية: ...............
- أهل البلدة/ صفاتها النفسية: خائفون /صفاته الاجتماعية و الثقافية: محتاجين- جاهلون للقانون- مغفلون.

الفضاء:
- الزمان: الماضي.
- المكان: البلدة – مكتب المحقق.
المواصفات الفنية لليومية:
- المحادثات: حل الحبال يا عسكري ؟ فقال الحارس ..
- الوصف: قيود حديدية – صوت عميق رزين رزين.
- الحس الأخلاقى: استخدام السارد حس أخلاقي المتكلم المفرد.
- الوقائع : متعلقة بيوم واحد.

قيم النص:
- قيمة إنسانية: (الشفقة/ المساواة بين الجاهل و العالم).
- قيمة اجتماعية: (الفقر/ الإستيلاء).
- قيمة قانونية: (العلم بالقانون).

الدرس الذي استخلصه كمواطن هو أنه لا بد من نشر ثقافة قانونية ليطلع عليها كل مواطن خاصة في المدارس، لأنها أمور ضرورية ولا أحد يعذر بجهله القانون.