مستوى القاعدة للتعرية النهرية.. المستوى الذي يحاول النهر بكل روافده أن يوصل كل جهات حوضه إليه من خلال عمله في التعرية والترسيب



نعني بمستوى القاعدة للتعرية النهرية المستوى الذي يحاول النهر بكل روافده أن يوصل كل جهات حوضه إليه من خلال عمله في التعرية والترسيب.

هناك نوعان من مستويات القاعدة هما مستوى القاعدة الدائمي الذي يتمثل في حالات عديدة مثل ظهور طبقات صخرية اشد صلابة في مكان ما من مجرى النهر فيؤدي ذلك الى تكوين مستوى قاعدة مؤقت يتمثل في مستوى تلك الطبقات الصخرية الصلبة نفسها بالنسبة الى القسم الواقع اعلاها من المجرى النهري.

ويحدث الشيء نفسه اذا كان النهر يصب في بحيرة حيث تعتبر تلك البحيرة مستوى القاعدة المؤقت بالنسبة للقسم الواقع اعلاها من نهر الزاب الاسفل وبحيرة دربندخان مستوى قاعدة مؤقت للجزء الواقع الى الاعلى منها من نهر ديالى.

كما تعتبر قيعان الاحواض الداخلية مستويات قاعدة مؤقتة للانهار التي تنتهي فيها.
أما لماذا اعتبرت هذه المستويات مؤقتة فذلك يرجع الى ان الانهار تستطيع بعملها المستمر في تعميق وديانها في بعض الحالات أو من خلال عمليات الترسيب في حالات أخرى أن تقضي على تلك الظروف التي كونت مستوى القاعدة المؤقت وترجع ثانية نحو مستوى القاعدة الدائمي.

يهدف كل نهر من الانهار الى تكوين قطاع بشكل منحن متوازن مع مستوى القاعدة بحيث يزداد ارتفاع ذلك المنحنى النهري كلما اقتربنا من أعالي حوض النهر ومنابعه.

ويتناقص ارتفاع هذا المنحني من مستوى القاعدة كلما اقتربنا من المكان الذي ينتهي فيه النهر أو المكان الذي يمثل الاساس لارتفاع مستوى القاعدة يقوم النهر كما بينا قبل قليل بعملية اساسية متواصلة ودؤوبة وهي محاولة ايجاد الانطباق بين مستوى القاعدة وبين المنحني الذي يمثل القطاع الطولي للنهر وعليه ايضا أن يعمل بحيث تتم عملية الانطباق هذه على طول القطاع الطولي للنهر في وقت واحد.

ويعني ذلك ان على النهر أن يسرع في تعميق واديه في المناطق التي يكون مرتفعا فيها كثيرا عن مستوى القاعدة وعليه ايضا أن يتباطأ في هذه العملية في الاجزاء السفلى من الوادي النهري القريبة في ارتفاعها من مستوى القاعدة .

وتوضح لنا هذه الفكرة كيف أن النهر عليه أن يوجه معظم طاقته في عملية النحت العمودي وتعميق واديه في المناطق الجبلية المرتفعة وان عليه أن يوجه طاقته في المناطق المنخفضة نحو توسيع ذلك الوادي بدلا من تعميقه.

بل ويضطر النهر احيانا حتى الى رفع مستوى قاع الوادي من خلال عمليات الترسيب من أجل أن يتباطأ في عملية التعميق وبذلك يمكن لكل أجزاء الوادي أن تصل الى مستوى القاعدة في وقت واحد تقريبا.

ويكون النهر متوازنا اذا استطاع من الناحية النظرية أن يكون له منحني يتوافق مع كمية المياه الجارية فيه وكمية الحمولة التي ينقلها بحيث أنه لا يحاول أن يقوم بأية عملية للتعرية وفي الوقت نفسه لا يحاول أن يرسب شيئا من الحمولة التي ينقلها.

وبذلك تكون الطاقة التي يختزنها النهر متوازنة مع العمل الذي يقوم به وهو نقله للحمولة فقط.
هذا من ناحية نظرية أما من ناحية الواقع فأن حالة النهر المتوازن أمر مشكوك فيه حيث أن ظروفا كثيرة تجبر النهر على القيام بالتعرية كأن تكون احدى ضفاف النهر مواجهة للتيار الأمر الذي يؤدي معه الى حدوث تعرية فيها وحصول زيادة في حمولة النهر عن مرحلة التوازن فيقوم النهر على الفور بترسيب جزء من حمولته مقابل ذلك في محاولة منه للرجوع الى حالة التوازن ويضطر النهر احيانا الى الترسيب.

وبذلك تتناقص حمولته فتتزايد سرعته ويرجع فيقوم بعملية التعرية ثم العودة الى حالة التوازن وهكذا وهذا ما يحدث فعلا للانهار التي قام الإنسان بانشاء السدود عليها وتكوين البحيرات خلف تلك السدود حيث تخرج مياه الانهار خالية من الحمولة منها فتقوم بعملية النحت العمودي كما حصل في نهر النيل شمال السد العالي.