ابن نباتة.. أبو يحيى عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل شاعر مجيد إمام في علوم الأدب من أهل ميافارقين



أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن محمد
وفي ابن خلكان: أبو يحيى عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباتة.

كان شاعرا مجيدا إماما في علوم الأدب ورزق السعادة في خطبه التي وقع الإجماع على أنه ما عمل مثلها جمع فيها بين حسن السبك وجودة المعاني وفيها دلالة على غزارة علمه وقوة قريحته وهو من أهل ميافارقين وكان خطيب حلب وبها اجتمع بأبي الطيب المتنبي وقالوا: إنه سمع عليه بعض ديوانه طاف البلاد ومدح الملوك والوزارء والرؤساء وله في سيف الدولة بن حمدان غر القصائد ونخب المدائح ومعظم شعره جيد وله ديوان كبير.

وكان سيف الدولة كثير الغزوات فلهذا أكثر الخطيب من خطب الجهاد ليحض الناس عليه ويحثهم على نصرته وكان رجلا صالحا
ذكر الشيخ تاج الدين الكندي - بإسناده المتصل إلى الخطيب - أنه قال: لما عملت خطبة المنام وخطبت بها يوم الجمعة رأيت ليلة السبت في منامي كأني بظاهر ميافارقين عند الجبانة فقلت: ما هذا الجمع؟

فقال لي قائل: هذا النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه فقصدت إليه لأسلم عليه فلما دنوت منه التفت فرآني فقال : مرحبا يا خطيب الخطباء كيف تقول؟ وأومى إلى القبور قلت: لا يخبرون بما إليه آلوا ولو قدروا على المقال لقالوا:... - إلى آخر ما ذكره ابن خلكان - فقال لي: أحسنت ادن فدنوت منه صلى الله عليه وسلم فأخذ وجهي وقبله وتفل في فمي وقال: وفقك الله.

قال: فانتبهت من النوم وبي من السرور ما يجل عن الوصف فأخبرت أهلي بما رأيت.
قال الكندي: وبقي الخطيب بعد هذا المنام ثلاثة أيام لا يطعم طعاما ولا يشتهيه وتوجد في فيه رائحة المسك ولم يعش إلا مدة يسيرة ولما استيقظ من منامه كان على وجهه أثر نور وبهجة لم يكن قبل ذلك وقص رؤياه على الناس وقال: سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا وعاش ثمانية عشر يوما لا يستطعم فيها طعاما ولا شرابا من أجل تلك التفلة وبركتها.

قال الوزير أبو القاسم بن المغربي: رأيت ابن نباتة في المنام بعد موته فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: دفع لي ورقة فيها سطران بالأحمر وهما:
قد كان أمن لك من قبل ذا... واليوم أضحى لك أمنان
والصفح لا يحسن عن محسن... وإنما يحسن عن جاني

ولد سنة 335، وتوفي سنة 374، ببغداد
قال: كنت يوما قائلا في دهليزي فدق علي الباب فقلت: من؟ فقال: رجل من أهل الشرق فقلت: ما حاجتك؟ فقال: أنت القائل:
ومن لم يمت بالسيف مات بعلة... تنوعت الأسباب والداء واحد.

فقلت: نعم فقال: أرويه عنك ؟ قلت : نعم فما كان آخر النهار دق علي الباب فقلت: من؟ فقال: رجل من أهل تاهرت من الغرب
فقلت: ما حاجتك ؟ فقال: أنت القائل:
ومن لم يمت... الخ...؟

فقلت: نعم فقال: أرويه عنك؟ فقلت: نعم وعجبت كيف وصل شعري إلى الشرق والغرب؟

قلت: وعدم القدرة على الشعر ونظمه ثلمة في كون العالم من الطبقة الأولى لأهل العلم كما حرره وقدره شيخنا وبركتنا: محمد بن علي الشوكاني - رحمه الله تعالى رحمة واسعة - وتقدم.