عوامل قيام الحضارة القرطاجية وتطورها السياسي.. مرحلة التأسيس والتبعية. الاستقلال والقوة. الصدامات ثم الضعف. الأميرة عليسا ديدون



تعريف الحضارة القرطاجية:

الحضارة القرطاجية هي حضارة قديمة نشأت في منطقة شمال إفريقيا، وتحديدًا في مدينة قرطاج (تونس الحالية)، وكانت تعتبر إحدى أهم الحضارات البحرية والتجارية في العالم القديم. تأسست الحضارة القرطاجية في القرن الثالث قبل الميلاد على يد المستعمرين الفينيقيين الذين جاءوا من مدينة صور (في لبنان الحالية).

عوامل قيام الحضارة القرطاجية وتطورها السياسي:

ساهمت عدة عوامل في قيام الحضارة القرطاجية وتطورها السياسي، منها:

- الموقع الجغرافي:

تقع قرطاج على ساحل شمال أفريقيا، في مكان استراتيجي يربط بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. هذا الموقع سمح لها بالتجارة مع مناطق مختلفة من العالم، مما ساهم في ازدهارها الاقتصادي.
كانت قرطاج مركزًا تجاريًا مهمًا، حيث كانت تربط بين حضارات البحر الأبيض المتوسط المختلفة. كانت تصدر الحبوب والزيت والنبيذ إلى اليونان وروما ودول البحر الأبيض المتوسط الأخرى. كما كانت تستورد المعادن والمواد الخام من هذه الدول.

- التراث الفينيقي:

نشأت قرطاج من مستعمرة فينيقية، ورثت منها ثقافة عريقة وحضارة متقدمة. ساهم هذا التراث في بناء القوة الاقتصادية والعسكرية لقرطاج.
كانت الفينيقيون شعبًا بحريًا تجاريًا، وكان لديهم خبرة واسعة في بناء السفن والتجارة. ساهم هذا التراث في تطوير الاقتصاد القرطاجي، حيث أصبحت قرطاج قوة بحرية تجارية قوية.

- الحكم الجمهوري:

كانت قرطاج جمهورية ديمقراطية، حيث كان للشعب الحق في اختيار حكامه. ساهم هذا النظام في استقرار البلاد وتعزيز روح الوحدة الوطنية.
كان نظام الحكم في قرطاج يعتمد على مجلس الشيوخ الذي يتكون من أعضاء منتخبين من قبل الشعب. كان المجلس مسؤولًا عن إدارة البلاد، وكان له الحق في إعلان الحرب والسلام.

تطور الحضارة القرطاجية سياسيًا:

مرت الحضارة القرطاجية بمراحل مختلفة من التطور السياسي، حيث بدأت كدولة مدينة صغيرة ثم تحولت إلى إمبراطورية قوية.
في البداية، كانت قرطاج دولة مدينة صغيرة تتمتع بحكم ذاتي. ومع ذلك، بدأت في التوسع في القرن السادس قبل الميلاد، حيث أسست مستعمرات في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط.
في القرن الخامس قبل الميلاد، أصبحت قرطاج قوة بحرية تجارية قوية، وبدأت في التوسع في غرب البحر الأبيض المتوسط. ومع ذلك، واجهت قرطاج منافسة من روما، مما أدى إلى اندلاع سلسلة من الحروب بين البلدين.
انتهت هذه الحروب بهزيمة قرطاج في عام 146 قبل الميلاد، وتدمير المدينة. ومع ذلك، استمرت الثقافة القرطاجية في التأثير على المنطقة حتى بعد سقوط المدينة.

إرث الحضارة القرطاجية:

تركت الحضارة القرطاجية إرثًا غنيًا في مجال التجارة والصناعة والهندسة والعلوم.
ساهمت قرطاج في تطوير التجارة البحرية، حيث كانت مركزًا تجاريًا مهمًا في البحر الأبيض المتوسط. كما كانت رائدة في صناعة السفن، حيث طورت تقنيات جديدة في بناء السفن.
كانت قرطاج أيضًا متقدمة في مجال الهندسة، حيث قامت ببناء العديد من المباني والمعابد والمدن. كما كانت رائدة في مجال العلوم، حيث ساهمت في تطوير علم الفلك والرياضيات.
لا يزال هناك العديد من الآثار القرطاجية في شمال أفريقيا، والتي تشهد على عظمة هذه الحضارة.