لقد دخل بول ريكور في سجال علمي مع كريماس صاحب سيميوطيقا الفعل أو العمل، وكان الاختلاف منصبا على منهجية كريماس ذات الطابع اللساني والموضوعي.
بمعنى أن السيميوطيقا تفسير ينبني على علمنة الظاهرة الأدبية، وبحث في شكل المضمون، مع تغييب التاريخ والزمان والذات والمقصدية.
في حين، تستلزم سيميوطيقا ريكور الانتقال من التحليل العلمي الداخلي إلى التأويل الخارجي لاستكناه المقصدية، واستحضار الذات والغير والعالم الخارجي.
وإذاكان كريماس يدرس النص دراسة تجزيئية في شكل مقاطع ومتواليات، فإن ريكور يدرس الخطاب باعتباره مجموعة من النصوص، أو يدرسه باعتباره منظومة دلالية كلية ذات وحدة عضوية وموضوعية.
ومن هنا، فمنهجية ريكور مزدوجة تجمع بين الداخل والخارج، وبين الذات والموضوع.
وعلى الرغم من ذلك، فقد أشاد بول ريكور بكريماس أيما إشادة، وقد اعترف بأنه علمه كيف يقرأ النصوص قراءة بنيوية علمية.
وفي الوقت نفسه، استفاد كريماس وجاك فونتاني كثيرا من بول ريكور في كتابهما( سيميوطيقا الأهواء)، حينما اهتما بسميأة الذات والانفعالات والعواطف في ضوء المقاربة الفينومينولوجية والقراءة الـتأويلية لبول ريكور.
وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على انتقال كريماس من سيميوطيقا الفعل والعمل إلى سيميوطيقا الأهواء والانفعال الذاتي.
ومن هنا، يتم الانتقال إلى الفلسفة الفينومينولوجية التي تركز على الجسد والذات والإدراك والإحساس.
ومن الأسباب التي استلزمت هذا السجال العلمي هو طغيان اللسانيات والبنيوية والسيميائيات، وسيطرتها على الحقل الثقافي الغربي، إذ تعاظمت سطوة البنية والعلامة على حساب الذات والتاريخ والإنسان والمرجع.
وكان هذا هو مصدر الاختلاف والجدال بين ريكور وكريماس. ومن هنا، أرى بول ريكور صائبا إلى حد كبير، فلابد من الجمع منهجيا بين الداخل والخارج، ولابد كذلك من الانتقال من التفسير العلمي إلى الفهم التأويلي، ولابد من التأرجح بين الذاتية والموضوعية، ولابد من إدخال المرجع إلى نسق العلامة، وتجاوز الدال والمدلول الشكليين من أجل تحقيق عمل متكامل ومنسجم.
التسميات
سيميوطيقا