أسباب الاحتلال البريطاني للعراق ومراحله.. موقع العراق على الخليج العربي الذي هو جزء من طريق الهند البري الحيوي لمواصلات الحكومة البريطانية



أسباب الاحتلال البريطاني للعراق ومراحله:

اكتسب العراق أهمية كبرى في السياسة البريطانية، منذ بداية النشاط البريطاني في الخليج العربي في الربع الأول من القرن السابع عشر.

وقد تنوعت المصالح البريطانية في العراق فهناك المصالح الاقتصادية التي تركزت على شراء المواد الأولية الرخيصة من جلود وصوف وعرق سوس وخيول.

ربط الاقتصاد العراقي بالرأسمال الأجنبي:

وعملت بريطانيا على ربط الاقتصاد العراقي بالرأسمال الأجنبي عن طريق تأسيس عدد من الشركات البريطانية أمثال شركة لنج ومكنزي، ولم يقتصر علمها على النشاط التجاري فقط بل كان وجودها يمثل تغلغلاً استعمارياً.

أما أهمية العراق الستراتيجية بالنسبة لبريطانيا فتمثل في موقع العراق على الخليج العربي الذي هو جزء من طريق الهند البري الحيوي لمواصلات الحكومة البريطانية وقد أكدت هذه الأهمية بعثة جسني الاستطلاعية عام 1834 لدراسة إمكانيات نهر الفرات الملاحية.

اكتشاف النفط:

وفي مطلع القرن العشرين ازدادت الأهمية نتيجة لاكتشاف النفط في عبادان وكانت حماية هذه الحقول إحدى الأسباب التي تذرعت بها بريطانيا عند احتلال البصرة. وبدأت بريطانيا تهيء قواتها العسكرية للحفاظ على احتلالها للخليج العربي.

وفعلاً أرسلت قواتها الى المنطقة في (2 تشرين الأول 1914) وفي اليوم التالي اسندت قيادة القوات البريطانية الى العميد ديلامين وحدد أطار عملها باحتلال عبادان وحماية مصافي النفط.

الاحتلال البريطاني:

وفي يوم 6 تشرين الثاني من العام نفسه صدرت التعليمات الى ديلامين بالتوجه الى الفاو وفعلاً نزلت قواته فيها ورفع العلم البريطاني فيها بعد مقاومة طفيفة.

وفي 22 تشرين الثاني احتلت القرنة من قبل القوات البريطانية وكان لاحتلالها أهمية كبيرة لموقعها العسكري ولصلاحية الملاحة.

احتشدت القوات العثمانية بقيادة سليمان عسكري ومعها قوات المتطوعين الذين عملوا العثمانيون على كسب تأييدهم عن طريق إعلان الجهاد المقدس وبدأت بمناوشة البريطانيين في (12 نيسان 1915) في الشعيبة.

هزيمة العثمانيين:

وتعتبر هذه المعركة من المعارك الحاسمة في تاريخ عملية الاحتلال البريطاني للعراق، وبعد هزيمة العثمانيين في القرنة والشعيبة تقهقرت قواتهم نحو العمارة والناصرية واحتلت الأولى في (2 حزيران 1915)، كما احتلت الناصرية في (25 تموز من العام نفسه).

وشجع هذا الاحتلال بريطانيا على التقدم نحو بغداد وفعلاً تقدمت حملتهم باتجاه بغداد بقيادة الجنرال طاوزند وحدثت أول معركة بين الطرفين بالقرب من الكوت يوم (27 أيلول 1915) انتهت بانتصار البريطانيين وانسحاب العثمانيين الذين عادوا تنظيم قواتهم وتمكنوا من هزيمة البريطانيين يوم (21 تشرين الثاني 1915) في المدائن واضطر البريطانيون الى الانسحاب.

واستغلت القوات العثمانية الانكسار البريطاني في المدائن وتمكنت من محاصرة البريطانيين في الكوت في (7 كانون الأول 1915) واستمر الحصار حوالي خمسة أشهر.

هزيمة البريطانيين:

لم يستثمر العثمانيون الهزيمة البريطانية في الكوت وإنما أرسلوا قواتهم الى إيران لمحاربة القوات الروسية مما أضعف القوات العثمانية في العراق وتمكن البريطانيين من تعزيز قواتهم لاسيما بعد أن تولى الجنرال (مود) قيادة القوات البريطانية ودارت معارك بين الطرفين اضطر على أثرها العثمانيين الى الانسحاب من الكوت الى المدائن وتمكن مود بعدها من التقدم نحو بغداد فدخلها في (11 آذار 1917).

احتلال شمال العراق:

وبعدها واصل البريطانيون تقدمهم نحو شمال العراق فاحتلوا سامراء في (22 نيسان) والرمادي في (29 أيلول) وتكريت في (6 تشرين الثاني 1917).

وفي الموصل جرت عقد هدنة في (30 تشرين الأول 1918) وافق العثمانيون على مغادرة المدينة.
وهكذا انتهت الأعمال العسكرية التي استمرت زهاء أربع سنوات. وكلف هذا الاحتلال بريطانيا خسائر قدرت بحوالي مائة ألف قتيل وجريح فضلاً عن الخسائر المادية.