علاقة العرف بالتشريع عند التوافق والتعارض: تفاعل القواعد الاجتماعية والقانونية في تشكيل المنظومة القانونية

العلاقة بين العرف والتشريع:

يُعدّ العرف من المصادر الهامة للقانون، إذ غالبًا ما يعكس الممارسات والعادات السائدة في المجتمع. وتختلف علاقته بالتشريع بين التوافق والتعارض، ولكل حالة أحكامها الخاصة.

1. توافق العرف مع التشريع:

أ. استمداد التشريع من العرف:

  • يلجأ المشرع في كثير من الأحيان إلى تبني الأعراف التي ثبتت صلاحيتها في التطبيق العملي.
  • يؤدي هذا التبني إلى تحويل القواعد العرفية إلى قواعد تشريعية، مما يعزز تطبيقها، إذ يتقبلها الناس لكونهم اعتادوا عليها، ولكونها أصبحت جزءًا من القانون.

ب. تكملة العرف للتشريع:

  • لا يمكن للتشريع أن يغطي كافة تفاصيل معاملات الناس، لذا يترك بعض المسائل للعرف.
  • يعترف التشريع بسلطة العرف في هذه الحالة، ويعتبر قواعده بمثابة قواعد تشريعية.
  • عندما يحيل التشريع إلى العرف، فإنه يتبنى قواعده، مما يجعل تطبيق العرف تطبيقًا للتشريع نفسه.

2. تعارض العرف مع التشريع:

أ. ترجيح التشريع للعرف:

  • قد ينص التشريع صراحة على ترجيح العرف المخالف لأحكامه.
  • في هذه الحالة، يتبع العرف استنادًا إلى نص التشريع نفسه.
  • مثال: المادة (432) من القانون المدني، التي ترجح العرف على القاعدة العامة في تحديد نفقات تسليم المبيع.

ب. مخالفة العرف لقاعدة تشريعية دون نص على ترجيحه:

  • القواعد الآمرة: يُطبق التشريع وجوبًا، ويُهمل العرف المخالف، خاصةً إذا كانت القاعدة التشريعية متعلقة بالنظام العام.
  • القواعد التكميلية أو المفسرة: يوجد خلاف فقهي في هذه الحالة.
  1. الرأي الأول: يرجح العرف، لأنه يعبر عن إرادة المتعاقدين بشكل أفضل.
  2. الرأي الثاني: يرجح التشريع، لأن التشريع مقدم على العرف، ولا يجوز إلغاء التشريع بالعرف.
  3. في الأمور التجارية: يرجح العرف على القاعدة التشريعية التكميلية، استنادًا إلى نص المادة الرابعة من قانون التجارة السوري.
  4. في الأمور المدنية: يوجد خلاف بين الفقهاء، كما ذكر سابقًا.
  5. مثال: المادة (535) من القانون المدني، التي تحدد مسؤولية المؤجر عن بعض النفقات، وكيفية تعامل الرأيين المتعارضين مع وجود عرف مخالف.

تحليل موسع:

  • يُظهر هذا التحليل أن العلاقة بين العرف والتشريع معقدة، وتعتمد على طبيعة القاعدة التشريعية ووجود نص خاص.
  • يلعب العرف دورًا هامًا في تكملة التشريع وتطبيقه، خاصةً في المسائل التي تتغير فيها الأعراف بسرعة.
  • مع ذلك، يجب الحذر من تطبيق الأعراف التي تخالف النظام العام أو القواعد الآمرة، إذ قد يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرار المجتمع.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال