القواعد القانونية الآمرة والقواعد التكميلية أو المفسرة.. القواعد الناهية. القواعد المعلنة. حماية مصالح المجتمع الأساسية والارتباط مباشرة بمصالح الأفراد

يمكن تقسيم القواعد القانونية إلى قواعد آمرة وقواعد تكميلية أو مفسرة.

أما القواعد الآمرة: (القواعد الناهية):
فهي تهدف إلى حماية مصالح المجتمع الأساسية ولذلك لا يسمح للأفراد باستبعاد أحكامها وتبني أحكام غيرها فيما يجرونه من عقود أو تصرفات قانونية.

أما القواعد التكميلية أو المفسرة (قواعد معلنة):
فهي خلافاً للقواعد الآمرة, لا تهدف إلى حماية مصالح المجتمع الأساسية وإنما تتعلق مباشرة بمصالح الأفراد, ولذا يسمح لهؤلاء الأفراد باستبعاد أحكامها إذا شاءوا والأخذ بأحكام غيرها يختارونها بأنفسهم لأنهم الأولى بتقدير مصالحهم وطرق تحقيقها.

نستطيع القول بوجود ثلاثة أنواع من الأحكام التي تتبع في تنظيم النشاط الإنساني والعلاقات بين الأفراد في المجتمع:
1- الأحكام الاتفاقية أو التعاقدية.
2- الأحكام التي تتضمنها القواعد المفسرة أو التكميلية.
3- الأحكام التي تتضمنها القواعد الآمرة.

ونضرب المثال الآتي على هذه الأحكام:
إذا اتفق البائع والمشتري على أن يبيع الأول للثاني عقاراً يملكه وأن يدفع الثاني إلى الأول لقاء هذا العقار مبلغ خمسين ألف ليرة سورية، وأنهما اتفقا في عقد البيع على أن يدفع المشتري للبائع نصف ثمن العقار حين تسليمه إياه وأن يدفع النصف الآخر بعد ذلك على قسطين مثلاً.

كما اتفقا أيضاً على أن يدفع المشتري ثمن العقار بالعملة الذهبية.
فاتفاق كل من البائع والمشتري على دفع مبلغ خمسين ألف ليرة سورية لقاء ثمن العقار وهو حكم اتفاقي لم يخالف به قاعدة قانونية سابقة (لعدم وجود قاعدة تحدد ثمن العقار بالنسبة إليهما).

واتفاقهما على أن الثمن لا يدفع كله حين تسليم المبيع وإنما يتم دفعه على أقساط فهذا الاتفاق يخالف الحكم الذي تنص عليه قاعدة قانونية في المادة (425) ق. م التي تقضي بأن الثمن يكون (مستحق الوفاء في الوقت الذي يسلم فيه المبيع) إلا أن هذه المخالفة جائزة لأن المادة (425) نصت على أن الحكم الوارد فيها يمكن للمتبايعين الاتفاق على خلافه. أي أن هذه القاعدة هي قاعدة تكميلية أو مفسرة لأنه يجوز الاتفاق على خلافها.

أما اتفاق كل من البائع والمشتري على أن يدفع المشتري ثمن العقار بالعملة الذهبية. فهو يخالف الحكم الذي تقرره قاعدة قانونية واردة في نص تشريعي يقضي بمنع التداول بالعملة الذهبية.

وهذه المخالفة غير جائزة لأن القاعدة القانونية الواردة في النص المشار إليه هي قاعدة آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها وأي اتفاق من هذا القبيل يعتبر باطلاً.

و لمعرفة القاعدة القانونية فيما إذا كانت آمرة أم تكميلية, ننظر إلى عبارة النص الذي وردت فيه, فإذا وجدنا فيها ما يشير إلى أنه من غير الجائز مخالفة الحكم الذي تنص عليه (يعتبر باطلاً كل اتفاق مخالف) أو (بالرغم من كل اتفاق مخالف) كانت القاعدة آمرة.

أما إذا وجدنا عبارة (إلا إذا اتفق المتعاقدان على خلاف ذلك) أو (ما لم يكن هناك اتفاق مخالف) كانت القاعدة تكميلية أو مفسرة.

أما إذا لم يتبين نوعها من عبارة النص نلجأ إلى تقدير مدى صلة القاعدة بمصالح المجتمع الأساسية أو بمصالح الأفراد ثم تحديد نوعها على هذا الأساس فإذا كانت تتعلق بمصالح المجتمع تكون قواعد آمرة. وإذا تعلقت بمصالح الأفراد كانت قواعد تكميلية أو مفسرة.

وتعود تسمية القواعد الآمرة بهذا الاسم إلى أن الأحكام التي تفرضها هذه القواعد على الأشخاص هي أحكام مطلقة لا يجوز لهم مخالفتها أبداً.

أما القواعد التكميلية أو المفسرة فقد سميت كذلك لأن الأفراد قد لا يحددون في عقودهم أو اتفاقاتهم جميع الأمور والمسائل التفصيلية التي يمكن أن تنشأ عنها ولا يبينون أحكامها فتكون إرادتهم غير ظاهرة أو جلية بالنسبة لهذه الأمور. ولهذا تأتي القواعد التكميلية أو المفسرة لتكمل إرادة هؤلاء الأفراد وتفسر ما خفي منها.

فهي تكميلية لأنها تكمل إرادة الأفراد بالنسبة للأمور التي لم يتعرضوا لذكرها في عقودهم ومفسرة لأنها تفسر هذه الإرادة حين لا يبينها الأفراد بأنفسهم.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال