التصوير الجداري وتصوير المخطوطات في العصر الأموي:
في العصر الأموي (661-750 م)، شهد كل من التصوير الجداري وتصوير المخطوطات تطورات ملحوظة، وإن كان ذلك بأساليب ومدى مختلفين.
التصوير الجداري في العصر الأموي:
- ازدهار في القصور الأموية: ازدهر فن التصوير الجداري بشكل خاص في القصور الصحراوية التي بناها الخلفاء والأمراء الأمويون في مناطق مثل سوريا والأردن وفلسطين. من أبرز هذه القصور:
- قصر عمرة: يشتهر بلوحاته الجدارية الغنية والمتنوعة التي تصور مشاهد صيد، وحيوانات، وشخصيات أسطورية، وحتى صور فلكية وزودياك. من أشهر لوحاته "لوحة الملوك الستة".
- قصر الحير الغربي والشرقي: احتوت هذه القصور على رسوم جدارية تصور مشاهد نباتية وحيوانية، بالإضافة إلى تأثيرات من الفن البيزنطي والساساني.
- خربة المفجر: تميزت بلوحات فسيفسائية على الأرضيات والجدران، بالإضافة إلى زخارف جصية ولوحات جدارية.
- تنوع المواضيع: لم تقتصر المواضيع على الزخارف النباتية والهندسية، بل شملت أيضًا تصويرًا للحيوانات والبشر في سياقات غير دينية. هذا يشير إلى ثقافة بصرية غنية واهتمام بالفنون التزيينية في الحياة اليومية للطبقة الحاكمة.
- تأثيرات فنية متنوعة: تأثر الفنانون الأمويون بتقاليد فنية سابقة مثل الفن البيزنطي والروماني والساساني، ودمجوا هذه التأثيرات في أسلوبهم الخاص. يظهر ذلك في استخدام الفسيفساء والزخارف المعمارية والتقنيات الفنية.
- وظيفة التصوير الجداري: كان للتصوير الجداري وظيفة جمالية وتزيينية، بالإضافة إلى كونه وسيلة لإظهار ثراء وقوة الحكام الأمويين. كما قد تكون بعض المشاهد تحمل دلالات رمزية أو تعكس اهتمامات النخبة الحاكمة.
- استثناءات في المباني الدينية: على الرغم من ازدهار التصوير الجداري في القصور، كان الأمر مختلفًا في المباني الدينية مثل المساجد. اتجهت الزخرفة في المساجد نحو الأشكال الهندسية والنباتية والكتابات الخطية، وتجنبت إلى حد كبير تصوير الكائنات الحية، تماشيًا مع التفسيرات المتشددة للدين الإسلامي في ذلك الوقت. ومع ذلك، هناك بعض التقارير التاريخية التي تشير إلى وجود صور غير آدمية في بدايات بعض المساجد، لكنها لم تنجُ حتى يومنا هذا.
تصوير المخطوطات في العصر الأموي:
- بدايات متواضعة: بالمقارنة مع الازدهار اللاحق في العصور العباسية والفاطمية والمملوكية، كان تصوير المخطوطات في العصر الأموي في مراحله الأولى. لم يصل إلينا الكثير من المخطوطات المصورة التي يمكن نسبتها بشكل قاطع إلى هذه الفترة.
- التركيز على تزيين المصاحف: كان التركيز الأساسي في تزيين المخطوطات على المصاحف. تميزت هذه المصاحف المبكرة بزخارف بسيطة وغير تصويرية تهدف إلى تجميل النص القرآني وتسهيل قراءته.
- الزخارف الهندسية والنباتية: شملت الزخارف في المصاحف الأموية المبكرة أنماطًا هندسية بسيطة ورموزًا نباتية مجردة، غالبًا ما كانت تستخدم لتحديد بدايات السور والفواصل بين الآيات.
- استخدام الألوان: استخدمت الألوان بشكل محدود في الزخارف، وغالبًا ما كانت تعتمد على الألوان الأساسية مثل الأحمر والذهبي.
- تأثير الفن البيزنطي: يُعتقد أن بعض العناصر الزخرفية في المصاحف الأموية المبكرة تأثرت بالتقاليد الفنية البيزنطية، خاصة في استخدام بعض الأنماط والتذهيب.
- مخطوطات قليلة باقية: من أبرز الأمثلة القليلة الباقية التي يُحتمل أنها تعود إلى العصر الأموي "مصحف صنعاء"، الذي يحتوي على زخارف بسيطة تشمل خطوطًا مزخرفة وأشكالًا هندسية.
خلاصة:
شهد العصر الأموي تطورًا ملحوظًا في التصوير الجداري، خاصة في القصور الأموية التي عكست ثقافة بصرية غنية وتأثرت بفنون متنوعة. في المقابل، كان تصوير المخطوطات لا يزال في بداياته، مع تركيز أساسي على تزيين المصاحف بزخارف بسيطة غير تصويرية. يمثل هذا التباين في تطور النوعين الفنيين جانبًا مهمًا من المشهد الفني في العصر الأموي، حيث كانت الزخرفة البصرية تزدهر في سياقات دنيوية بينما كانت تتشكل ببطء في السياقات الدينية.
التسميات
فن إسلامي