خصائص أسلوب ابن المقفع:
يمتاز أسلوب ابن المقفع بالآتي:
1- الترسل (عدم التقيد بالسجع).
2- الاهتمام بالمعنى وترتيب الأفكار.
3- الميل إلى السهولة والوضوح.
4- قلة المحسنات البديعية.
5- تنوع عباراته بين الطول والقصر.
تحكيم العقل والمنطق:
إنّ من أهم سمات أدب ابن المقفع هو تحكيم العقل فيه، وإخضاعه للمنطق، فهو كان يزن الفكرة فتأتي الألفاظ على قدر المعاني دون زيادة مملة أو نقص مخل.
سهولة الأسلوب:
أما بالنسبة لألفاظه فأسلوبه سهل ممتنع أي سهل في المظهر عميق الفهم، وقد غلب العنصر العقلي والفكري على عناصر الفن في نثره، وهذا أمر طبيعي حيث إنّ ابن المقفع كان يتمتع بالنضج العقلي، والثقافة الواسعة، والعمق الفكري في شؤون السياسة والمجتمع والأخلاق، وأمور الدنيا والدين، ويظهر هذا في كافة مؤلفاته لا سيما في كتابه الأدب الصغير الذي يمثل ذلك خير تمثيل.
كما امتلك ابن المقفع ناصية البلاغة التي تظهر في نثره بأرفع درجاتها، وكان يوصي بالابتعاد عن وحشي الألفاظ، ومبتذل المعنى، فيقول مخاطباً أحد الكتاب: (إياك والتتبع لوحشي الكلام، طمعاً في نيل البلاغة، فإن ذلك العي الأكبر)، ثمّ ساد أسلوبه وحذا حذوه كتاب بلغاء، وظل سائداً حتى ظهر أسلوب الجاحظ، هذا واعتبر ابن المقفع من رواد النثر الفني في تاريخ الأدب العربي كلّه.
وأظهر ما في أسلوبه السهولة والوضوح والجري مع الطبع وعدم التعقيد والإغراب، ولقد عرَّف البلاغة تعريفًا بارعًا بقوله: «البلاغة هي التي إذا سمعها الجاهل ظنَّ أنه يحسن مثلها.».
وقال لبعض الكتاب: «إياك والتتبع لوحشي الكلام طمعًا في نيل البلاغة، فإن ذلك هو العِيُّ الأكبر.».
ولكنه كما كان يتجنَّب التقعُّر فقد كان يكره الإسفاف والتبذُّل، قال يوصي كاتبًا: «عليك بما سهل من الألفاظ مع التجنُّب لألفاظ السفلة.»
وضع الشيء في محله وإيفاء الموضوع حقه:
ومن خصائصه وضع الشيء في محله وإيفاء الموضوع حقه مع نفوذ بصر وسمو إدراك، روى الجاحظ في البيان والتبيين عن إسحاق بن حسان بن فوهة أنه قال: لم يفسر البلاغة تفسير ابن المقفع أحد قط، سُئل: ما البلاغة؟ فقال: البلاغة اسم جامع لمعانٍ تجري في وجوه كثيرة، فمنها ما يكون في السكوت، ومنها ما يكون في الاستماع، ومنها ما يكون في الإشارة، ومنها ما يكون في الحديث، ومنها ما يكون في الاحتجاج، ومنها ما يكون جوابًا، ومنها ما يكون ابتداءً، ومنها ما يكون شعرًا، ومنها ما يكون سجعًا وخُطَبًا، ومنها ما يكون رسائل، فعامة ما يكون من هذه الأبواب الوحي فيها والإشارة إلى المعنى، والإيجاز هو البلاغة.
وأدب ابن المقفع وإن كان عربيًّا مبينًا في الألفاظ والتراكيب، فإنه أعجمي في الجمع والتأليف، فهو لا يكاد يستشهد بشعر العرب ولا يتمثل بأمثالهم ولا يروي حِكَمهم ومواعظهم ولا يسمِّي فصحاءهم، ولا يشير إلى أيامهم كما تجد ذلك في آثار جمهرة كتاب العرب كالجاحظ وأضرابه، فهو من هذه الجهة إمَّا مترجم عن الفُرْس أو متصرف بالمعاني الشائعة أو مستمد من صوب عقله.
0 تعليقات:
إرسال تعليق