مدرستا الكوفة والبصرة ورواية الشعر الجاهلي.. أبو عمرو بن العلاء أحد القراء السبعة الذين أخذت عنهم تلاوة القرآن الكريم



مدرستا الكوفة والبصرة ورواية الشعر الجاهلي:

في العصر العباسي كون الرواة العلماء مدرستين: مدرسة البصرة، ومدرسة الكوفة. وكان لكل مدرسة منهجها في الرواية، فكان الكوفيون أقل تشددا من البصريين.

اتهامات متبادلة:

وتراشق علماء هاتين المدرستين الاتهامات، فكل منهما شكك في رواية الآخر، وندد به.
وإذا كان حماد الراوية، رأس مدرسة الكوفة، قد اتهمه البصريون بالكذب والتزوير، وإذا كان خلف الأحمر، أحد أقطاب مدرسة البصرة قد اتهم بما اتهم به حماد، فإن بين رواة هاتين المدرستين مَنْ كان موثقا أمينا في روايته، يحيطها بسياج من الدقة.

أبو عمرو بن العلاء:

ويكفي أن يكون أبو عمرو بن العلاء يقف على رأس مدرسة البصرة، فقد عرف بصدقه وأمانته، فهو أحد القراء السبعة الذين أخذت عنهم تلاوة القرآن الكريم، وقد شهد له بالصلاح والتقوى، وتنسك في أخريات أيامه، فأحرق ما كان لديه من كتب كتبها عن العرب الفصحاء، ويقال: إنها كانت كثيرة، بحيث ملأت بيتا له إلى قريب من السقف.

الأصمعي:

ومن رواة البصرة الثّقات الأصمعي، فقد شهد له معاصروه بسعة علمه بشعر الجاهلية، وأخبارها وأيامها، كما شهدوا له بالدقة والصدق والأمانة.

ومثل الأصمعي في علمه وصدقه أبو زيد الأنصاري، وقد عاصره عالم آخر هو أبو عبيدة معمر بن المثنى.

المفضل الضبي وأبو عمرو الشيباني:

وفي الكوفة الكثير من الرواة الثقات الذين حفظوا الشعر ونقلوه بأمانه، ويكفي أن يكون المفضل الضبي على رأسهم، فقد أجمع البصريون والكوفيون على توثيقه، وشهدوا له بالعلم والأمانة وسعة المعرفة بأشعار الجاهلية.

ومن الرواة الكوفيين الذين خلفوا المفضل الضبي، وساروا على نهجه أبو عمرو الشيباني (ت 213هـ) وابن الأعرابي (ت 231هـ)، ومحمد بن حبيب (ت 245هـ) وابن السِكّيت (ت 244هـ) وثعلب (ت 291هـ).
وكلهم كان صادقا أمينا ثقة.

جمع الشعر وشرحه:

وجمع هؤلاء الرواةُ ما استطاعوا جمعه من الشعر: عني بعضهم بجمع غريبه، كما عني بعضهم بجمع أراجيزه، وبعضهم جمع ديوان شاعر بعينه، أو شعر قبيلة من القبائل.

ولم تتجه عناية هؤلاء العلماء الرواة إلى شرح هذه الدواوين، أو نقد ما فيها من الأشعار، بقدر ما كان يهمهم جمعه والإكثار من روايته.

فقد روى حماد المعلقات دون تفسير، وجمع الأصمعي الأصمعيات دون تفسير كذلك، وكذا فعل المفضل في المفضليات.