الشيوخ من الطراز الأول في السنغال.. الجمع بين الزهد ومواظبة الذكر والتمسك بتعاليم الإسلام قولا وعملا وامتهان التدريس



تتركب طائفة الشيوخ من فئات عديدة لأنّ هذه الكلمة تطلق على كل من هبّ ودبّ، ففيها الصالح كما فيها الكثير الطالح.

ويمتلئ تاريخ السنغال بالشيوخ ذوي القيمة العالية، علماً وعملاً وورعاً، وتتميز هذه الجماعة بكونها تجمع بين الزهد ومواظبة الذكر، والتمسك بتعاليم الإسلام قولاً وعملاً، وتمتهن التدريس فضلاً عن أنها - بعد ظهور الطرق الصوفية - أصبحت عميلاً نشطاً لها، وقد يتخلل ذلك كلّه تعاطي علم الخواتم...

وهي فئة مثلى من بين طوائف الشيوخ في السنغال لما أدّت من دور تاريخي، وقد سبق أن ذكرنا بعضاً من نشاطاتها.

وفي الحقيقة ما كانت تركن إلى الاستكانة والكسل والتواكل والاعتماد على جاه الأجداد، بل كانت نشطة منتجة ناشدة نعماء الله تعالى بالأسباب المشروعة، وبالوسائل المعروفة العادية الطبيعية، علاوة على كون أغلب أفرادها من العلماء، وكانت لذلك محطّ تقدير لدى العامة.

وهاهي لوحة من الشعر الشعبي تعكس رؤى العامة للشيخ المثالي:
أنت سيسي، درست كل العلوم،
تصلّي ليلاً وتسهر كل الليالي،
ترص صفوف جموع المصلّين،
في كل يوم تصلّي، وكل جمعة تؤم…
أنت مبجل، تصوم وتخرج الزكوات
عند مسألتك، لا تجيب إلاّ بما يقول المليك.

وصوّر الكاتب السنغالي الشيخ "حامدو "، وكان أحد شيوخ هذه الفئة، وهو في كتّابه وبين تلامذته: "كان الرجل مسناًّ، نحيلاً، شديد الذبول، بالغ الهزال لتقشفه، لا يضحك أبداً، فاللحظة النادرة التي يمكن أن يرى فيها وهو منشرح هي تلك التي يغرق فيها في الأذكار، أو حينما يستمع إلى تلاوة كتاب الله، فيرتاح، ويبدو وكأنه يرتفع عن الأرض، وكأنه مرفوع بقوة خفية؛ وكثيراً  ما يكون مندفعاً بغضب جنوني نتيجة كسل أو خطأ أحد التلاميذ، وقد يذهب به الغضب إلى حد العنف والخشونة بشكل غريب، لكن هذا العنف - في الواقع - من أجل المصلحة التي يريدها للتلميذ المخطئ".

ومن المؤسف أن تصبح هذه الفئة اليوم مغمورة بعيدة عن الأضواء.