مميزات شعر الحزب الشيعي (العلوي) في العصر الأموي.. الحزن على الأئمة الذين سفكت دماؤهم والبكاء على الحسين بن علي ثمّ على زيد بن علي وابنه يحيى



مميزات شعر الحزب الشيعي (العلوي) في العصر الأموي:

كان التشيع ينمو في الكوفة منذ اتخذها علي بن أبي طالب رضي الله عنه عاصمةً لخلافته، وصار كثير من أهلها يؤمنون بأنّ أبناء علي وأحفاده هم أهل الخلافة الحقيقيون وأصحابها الشرعيون. وأن الأمويين اغتصبوها منهم.

الحنفية هو المهدي المنتظر:

وتكوّنت إثر ذلك الفرقة الكيسانية التي دعت لابن الحنفية وقد تأثرت بآراء ابن سبأ فصاروا يزعمون أن ابن الحنفية هو المهدي المنتظر وأن فيه قبس من روح الله.

وفي أواخر العصر الأموي ظهرت الفرقة الزيدية ولم تكن بغلو الكيسانية.

البكاء والتفجع على الأئمة:

وتاريخ الشيعة مليء بالثورات والانتفاضات.
وقد تمثّل في شعر شعرائهم حزنهم على أئمتهم الذين سُفكت دماؤهم، وطابع البكاء والتفجع على الأئمة.

البكاء على الحسين والوعيد بأخذ الثأر:

كان أبرز ما ميّز شعرهم في هذا العصر البكاء على الحسين بن علي ثمّ على زيد بن علي وابنه يحيى...

ولم يقتصر شعرهم على الرثاء فقط بل اشتمل على التحريض والوعيد بأخذ الثأر من قتلة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.

وإذا كان أكثر شعر الخوارج قد ضاع، فإن معظم شعر الشيعة - بالمقابل - قد وصلنا؛ سواء في مصنفات خاصة بهم أو موزَّعاً بين بطون بعض أمَّات كتب التراث الأدبي العربي.
ذلك بأن الشعراء الشيعيين احتفظوا طَوَال عصر بني العباس (عصر التدوين) بكثير من قُواهم المادية والمعنوية؛ باتخاذهم مبدأَ التقية المذكور آنفاً، وبازْدِلافهم من الأمراء والسلاطين العباسيين. الشيء الذي ظاهَـر على حفظ أشعارهم، وروايتها، وتدْوينها.

الخصائص المضمونية والشكلية لشعر الشيعة:

ويتسم الشعر الشيعي بعدة خصائص مضمونية وشكلية، منها:

- الالتزام بفـكرة الحزب:

أي إن الشعر الشيعي يسير في اتجاه التعبير عن حب آل البيت بعمق وبصدْق، ويدافع عن مبادئ حزب الشيعة وعقيدته السياسية.

- القوة والحـماس:

ذلك بأن القصيد الشيعي يَفيض قوة وحماسةً في الدفاع المُستميت عن مبادئ حزب الشيعة وتوجُّـهاته السياسية.

- الجدل والاحتـجاج:

إذ إن كثيراً من شعر الشيعة يعـْمِد إلى المُحَاجَّة، ومقارَعة الخصوم باللجوء- أحياناً- إلى الفكر والمنطق، بعيداً عن المشاعر والعواطف.

- معارضة الحكم القائم، والنقـمة على خُصومهم.

- التأثر بالجانب الديـني:

ويظهر ذلك – بصورة أجْلى – في تناصِّ الشعر الشيعي مع الآي القرآنية كثيراً.

- طغيان نبْرة الحزن والبكاء:

على زعمائهم الذين كانوا يسقطون الواحد تلوَ الآخر.

- جزالة الأسلوب، وسلاسته:

ووضوحه، ونُبُوُّه عن الصنعة والزخرفة اللفظية. ولا شك في أن تأثر شعر الشيعة بأسلوب القرآن الكريم كان له وقْعٌ بالغٌ في هذا الصدد.

- صِدق العاطفة، وحرارتها:

وفي ذلك تعبير صُراح عن الحب الخالص الذي يُكِنُّه الشيعة لآل البيت، وعن سُخطهم الحانق على خصومهم من الأمويين وغيرهم... إلخ.

أشهر الحزب الشيعي:

إن شعراء الحزب الشيعي كثيرون؛ بحيث لا يمكننا، بأي حال، الإحاطة بهم جميعاً ها هنا، ولكن أشهرهم هؤلاء الثلاثة:

- الكُمَيْت بن زيد الأسدي (ت126هـ):

وهو غزيرُ الشعر؛ بحيث بلغ مجموع أشعاره، حين مماته، تسعة وثمانين ومائتين وخمسة آلاف (5289) بيت(5).
واشتهر الرجل بـ”هاشمياتــه؛ وهي قصائدُ مذهبية سياسية في الانتصار لبَني هاشم، والذَّوْد عن آراء الزيدية.
وقد التجأ فيها إلى المنطق والجدل، دون الاكتفاء بالمشاعر. ويعد الكميت – في رأي أبي عثمان الجاحظ – فاتحَ باب الحِجاج بالشعـر للشيعـيين.

- السيد الحِمْـيَري (ت173هـ):

وكان شيعيا كيسانياً، بالرُّغم من أن أبوَيْه كانا من الخوارج الإباضية(6).
واشتهر بذكر فضائل علي وآل البيت في أشعاره.

- دِعْـبِل بن علي الخُـزاعي (ت220هـ):

وكان- كما يقول ابن خِلِّكان- شاعرا هَجَّاءً، بذيءَ اللسان، وُلَـعَة بتتبُّع نواقص الناس وبالحَطّ من أقدارهم.
وقد مدح كثيراً العباسيين تقية وتكسباً لا غيرُ.