شرح وتحليل قصيدة ابن زيدون أضحى التنائي.. محافظة الشاعر على حبه لولادة بنت المستكفي



شرح وتحليل قصيدة ابن زيدون أضحى التنائي:

الفكرة العامة:

محافظة الشاعر على حبه لولادة.

الفكرة الأولى (الأبيات 1-7):

الشاعر في هذه الأبيات، يذوب آسى وألما على فراق ولادة بن المستكفي حبيبته وعشقته، ويحترق شوقا إليها وإلى الأوقات الصافية المتعة التي أتيحت له معها.
وفي ظلال هذه العاطفة المتأججة الملتهبة يقول شعره نابضا بالحياة مترجما عن الحب كاشفا عن الشوق.

مختصر الفكرة:

وصف لحال الحاضر ووصف الماضي ويتخلل هذا القسم أبيات الوفاء والحب والتجلد على الواقع الأليم.

البيت الأول:

أضحى التنائي بديلاً من َتدانينا + ونابَ عن طيبِ ُلقيانا تجافينا
يستهل الشاعر قصيدته بالتوجع والتحسر على ما صارت إليه حاله فقد تغيرت من قرب بينه وبين محبوبته إلى بعد ونأي يتزايد مع الأيام.
لقد تحول القرب بعدا وصار اللقاء جفاء وهو أمر يشقيه ويعذبه.
نجد الشاعر أنه استخدم ألفاظا جزلة في التعبير عن مدى وطول البعد وقوة الشوق حيث استخدم ألفاظ ذات حروف ممدودة يمتد فيها النفس ليعبر عن ألمه ونجد ذلك في جميع ألفاظ البيت الأول.
 فهو يقول إن التباعد المؤلم بينه وبين محبوبه أضحى هو السائد بعد القرب الذي كان وحل مكان اللقاء والوصل الجفاء والهجر.

- الصور البيانية في البيت:

الطباق بين (التنائي و تدانينا (التداني) وبين ( لقيانا وتجافينا).

البيت الثاني:

بنْتُمْ وبنّا فما ابتلّتْ جوانحُنا + شوقاً إليكمْ ولا جفّتْ مآقينا

 يتحدث الشاعر عما يكنه من وفاء لولادة ويبثها ألآمه ولوعته فيقول:
ابتعدتم عنا وابتعدنا عنكم ونتيجة هذا البعد فقد جفت ضلوعنا وما تحوى من قلب وغيره واحترق قلوبنا بنار البعد في الوقت الذي ظلت فيه (مآقينا: جمع مؤق وهو مجرى العين من الدمع) عيوننا مبتلة بالدمع من تواصل البكاء لأنه مشتاق محروم فلا أقل من أن يخفف همه بالبكاء ويسلي نفسه بالدموع.

- الصور البيانية:

بين ابتلت وجفت يوجد مقابلة/ في قوله فما ابتلت جوانحنا هنا كناية عن شوق الشاعر/ وفي قوله ولا جفت مآقينا كناية عن حزن الشاعر./  في قوله: جوانحنا مجاز مرسل علاقته المحليه أراد به القلب

البيت الثالث:

نَكادُ حينَ تُناجيكمْ ضمائرُنا + يَقْضي علينا الأسى لولا تأسّينا
ويستمر الشاعر في وصف الصورة الحزينة القاتمة فيقول: يكاد الشوق إليكم يودي بحياتنا لولا التصبر والأمل والتسلي في اللقاء (حينما تعود به الذكرى على الأيام الخوالي فيتصور الجمال والفتنة والحب والبهجة والأمل والسعادة ويهتف ضميره باسمها ويناجيها على البعد في المسافات لأنها قرينة روحه وجزء نفسه حينما يعيش أبعاد التجربة العذبة المؤلمة ويوازن بين ما كان عليه وما صار إليه تقرب روحه أن تفارق جسده بسبب الحزن المفرط الذي يملأ جوانحه لولا أنه يمني نفسه بالأمل ويعزي روحه عن المحنة بالصبر.

- الصور البيانية:

يجسد ويشخَّص الضمائر والأسى ويجعل للضمائر لسان يناجي وللأسى قدرة على القضاء والقتل وذلك عن طريق (الاستعارة المكنية). تصور الضمائر بالناس الذين يتناجون

البيت الرابع:

حالتْ لفقدِكمُ أيامُنا فغدتْ + سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا
لقد تبدلت الحياة وأظلمت الدنيا الأيام المشرقة الباسمة المضيئة جللها السواد وعمها الظلام ببعد ولادة وقد كانت الليالي المظلمة الطويلة مضيئة قصيرة بقربها.

- الصور البيانية:

يوجد البيت مقابلة من خلال الكلمات (أيامنا فغدت سوادا وكانت بكم بيضا ليالينا).

البيت الخامس:

إذْ جانبُ العيشِ َطلْقٌ من تألّفنا + ومربعُ اللّهوِ صافٍ منْ تصافينا
وفي هذا البيت يصف الشاعر ويتذكر أيامه مع محبوبته حيث كانت الحياة صافية متفتحة وحيث كانا يجنيان ثمار الحب ما يشاءان ومتى يشاءان فهو يقول أن عيشنا الماضي كان طلق ( مشرق) من شدة الألفة بيننا وقوة الترابط حيث اللهو والسمر والتخلي فيما بينهم وبين أنفسهم لا يعكره حزن ولا هم ولا شقاق ولا خلاف ولهذا فهو صاف مثل المورد العذب الجميل من شدة تصافينا وخلو المودة مما يكدرها.

- الصور البيانية:

شبه اللهو بالمورد العذب وعدم التكدر بصفاء المورد/ (صاف وتصافينا جناس).

البيت السادس:

ليُسقَ عهدُكم عهدُ السرورِ فما + كنتمْ لأرواحِنا إلاّ ريحانا
ويطوف بالشاعر طائف الذكرى الحلوة فيدعو لعهد الوفاء بينهما بالحياة والتجدد لأنه عاش فيه وصفت روحه به وتلقى من محبوبته مشاعل الأمل وحياة النفس وهو دعاء يكشف عن الحنين إلى العهد الماضي وجمال الذكرى / وإذا كان الفراق يغير المحبين ويجعلهم ينسون حبات قلوبهم فلن يستطيع أن ينسى الشاعر هواه بل يزيده البعد وفاء وإخلاصا فما زالت أمانيه متعلقة بولادة وهواه مقصورا عليها فقد كانت الرياحين لروحه وما زالت كذلك الصور البيانية: استخدام فعل الأمر ليسق وقصد به الدعاء والغرض منه الحنين/ وشبه محبوبته ولادة بالرياحين/ يوجد بين أرواحنا ورياحينا: جناس ناقص/ ليسق عهدكم: استعارة مكنية صور العهد بالبستان الذي يسقى

البيت السابع:

وللهِ ما طلبت أرواحُنا بدلاً + منكمْ ولا انصرفتْ عنكمْ أمانينا
 يقسم بالله بأن قلبه لن يتعلق بغيرها ولم تتحول أمانيه عن حبها

- الصور البيانية:

انصرفت عنكم أمانينا: صور الأماني بإنسان ينصرف فحذف المشبه به وأبقى شيء من لوازمه.

الفكرة الثانية (الأبيات 8-14):

الغزل بالمحبوبة ووصفها بأبدع التصاوير المستوحاة من الطبيعة.

البيت الثامن:

ربيبُ مُلكٍ كأن اللهَ أنشأهُ + مسكاً وقدّرَ إنشاءَ الورى طينا
 يتغزل بمحبوبته قائلا بأن الله خلقها من المسك حيث كانت مرفهة أما باقي البشر فخلقهم الله من الطين.

- الصور البيانية:

ربيب ملك: كناية عن العز والرفاهية.

البيت التاسع:

كانت له الشمسُ ظئراً في أكلّتِهِ + بلْ ما تجلّى لها إلاّ أحايينا
الشمس كانت كالمرضعة لحبيبته تمنحها الجمال والإشراق ، بينما كانت المحبوبة لا ترى الشمس إلا أحياناً قليلة.

- الصور البيانية:

كانت له الشمسُ ظئراً: شبه الشمس بالمرضعة لحبيبته."تشبيه بليغ"/ كناية عن النعيم والرفاهية.

البيت العاشر:

كأنّما أُثبتْ في صحنِ وجنتِه + زهرُ الكواكبِ تعويذاً وتزيناً
كأن الكواكب المنيرة أثبتت في وجه محبوبته فمنحتها الجمال والإشراق ودفعت عنها الشر والأذى.

البيت الحادي عشر:

يا روضةً طالما أَجنتْ لواحظَنا + ورداً جلاه الصَّبا غضّاً ونسرينا
ينادي الشاعر محبوبته للتحبب حيث شبهها بروضة مليئة بالأشجار الجميلة قطفت عيون الشاعر منها أجمل        
أزهار ورد النسرين والرياحين ويقصد بورد النسرين والرياحين محبوبته ولادة.

- الصور البيانية:

استعارة تصريحية: صور محبوبته بالروضة الجميلة فحذف المشبه وصرح بالمشبه به.

البيت الثاني عشر:

ويا حياةً تَمَلَّيْنا برهرَتِها + منىً ضروباً ولذاتٍ أفانيا
ينادى الشاعر محبوبته للتحبب ويصفها بأنها جعلت هذه الحياة منعمة جميلة تمتع الشاعر وتنعم بجمال الزهر ولذاتها.

- الصور البيانية:

استعارة مكنية حيث شبه الحياة بصورة إنسان فحذف المشبه به وأبقى شيء من لوازمه.

البيت الثالث عشر:

دُومي على العهد ما دّمْنا مُحافِظةً + فالحرُّ مَنْ دانَ إنصافاً كما دينا
يدعوها في استعطاف أن توفي بعهدها معه لأنه وفي به وحافظ عليه وشيمة الأحرار الوفاء بالعهد وهي منهم حتى لا يكون لأحد عليه فضل.
الغرض من فعل الأمر دومي هو الاستعطاف والرجاء.

البيت الرابع عشر:

عليكِ منّا سلامُ الله ما بقيتْ + صبابةٌ منك ِنُخفيها فَتَخْفينا.
فيرسل لها سلاما يبقى ما دام لديه بقية من حب نحو ها، الذي يحاول كتمانه لكن هذا الحب ينكشف ويفضحه.

- الصور البانية:

الطباق: نخفيها: نكتمها، تخفيها: تظهر وتنكشف.