قواعد السرد عند عبد الفتاح كيليطو.. السرد لعبة والتناول العلمي للسرد لا نلمسه إلا مع (بروب) في كتابه مورفولوجيا الحكاية الشعبية



قواعد السرد في مورفولوجيا الحكاية الشعبية

في (قواعد السرد) يرى عبد الفتاح كيليطو أن السرد لعبة، وأن التناول العلمي للسرد لا نلمسه إلا مع (بروب) في كتابه (مورفولوجيا الحكاية الشعبية)، على الرغم من أن بروب نفسه لم يكن يتوقع لكتابه أو لقواعده التي استنبطها هذه الشهرة وهذا الذيوع، حيث أخذ الباحثون بعده يعممون نموذجه المقترح على السرد بصفة عامة.

العلاقة بين الرواية والمجتمع

لكن هذه الدراسات لم تجد لها صدى كبيراً في وطننا العربي، في مطلع الثمانينات، بسبب كون نقادنا يهتمون- في هذه المرحلة- بالمضمون أكثر من الشكل.
ويركزون على العلاقة بين الرواية والمجتمع.

وبما أن (الحكاية) مجموعة من الأحداث أو الأفعال السردية التي تتوق إلى نهاية (أو غاية)، فإن هذه الأفعال السردية تنتظم في (سلاسل) يشد أفعالها رباط زمني ومنطقي.

السارد والتقيد بالقواعد السردية

ويجد السارد نفسه، في كل سلسلة من السرد، أمام اختيارات عديدة، وإمكانيات سرد كثيرة.
ولهذا تبدو حريته مطلقة حين ينقل الإمكانية من القوة إلى الفعل.

لكنه مقيد بثلاث قواعد سردية هي: تعلق السابق باللاحق، وتسلسل الأحداث، وتسلسل الأفعال السردية.
ففي القاعدة الأولى تتحكم النهاية بالبداية، كما تتحكم البداية بالنهاية.

فالسرد يمكن أن يُقرأ أفقياً قراءة عادية من البداية إلى النهاية، كما يمكن أن يُقرأ قراءة (عالمة) بمعنى إعادة صياغة الحكاية عن طريق الاسترجاع من النهاية إلى البداية.

وإذا كانت القراءة الأولى (الأفقية) تجعل القارئ يجري لاهثاً وراء الأحداث، فإن القراءة الثانية (الاسترجاعية) تحرر القارئ من وهم المشاركة الوجدانية، وترفعه إلى مرتبة المشاركة في السرد.

والقائم بالسرد ملزم باحترام هذه القوانين إلى حد يمكن القول معه إن القائم بالسرد الفعلي هو القارئ لا السارد أو الكاتب.
وخرق هذه القوانين من قبل (الرواية الجديدة) التي واكبت الأبحاث البنيوية لم يكن صدفة.

وفي (ملاحظات منهجية في دراسة الأدب الكلاسي) يأخذ الباحث على الدارسين العرب اهتمامهم بـ(القمم) الشعرية فحسب، دون التجول في السهول والوديان.

والملاحظة الثانية هي إهمالهم (المخاطَب) أو المتلقي وانشغالهم بحياة الشاعر وحده وظروف مجتمعه السياسية والاجتماعية والثقافية.

والواقع أن هذه الملاحظات النقدية جديرة بالاهتمام لو أنها تعدت مجرد الإشارة إلى التفصيل والتمثيل.