معاهدة سيفر ونهاية الإمبراطورية العثمانية وتأسيس دولة تركيا.. تزعم مصطفى كمال الحركة القومية التركية لمناهضة الحكم العثماني الضعيف والتدخل الأجنبي في الأناضول



اختفت الإمبراطورية العثمانية بعقد معاهدة سيفر، وتأسست دولة تركيا:
انهزمت الإمبراطورية العثمانية (إلى جانب دول الوسط) في الحرب العالمية الأولى، فأجبرت على التوقيع على معاهدة سيفر 1920 والتي بموجبها فقدت أراضيها في البلقان والمشرق العربي وانحصر نفوذها في الأناضول.

في ظل هذه المعطيات تزعم مصطفى كمال الحركة القومية التركية من خلال عقد مؤتمر أرضروم سنة 1919 الذي قرر مناهضة الحكم العثماني الضعيف والتدخل الأجنبي في الأناضول، مما ساهم في تأسيس تركيا سنة 1923.

معاهدة سيڨر 10 أغسطس 1920 هي واحدة من سلسلة معاهدات وقعتها دول المركز عقب هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، وقد كانت مصادقة الدولة العثمانية عليها هي المسمار الأخير في نعش تفككها وانهيارها بسبب خسارة قوى المركز في الحرب العالمية الأولى.

وتضمنت تلك المعاهدة التخلي عن جميع الأراضي العثمانية التي يقطنها غير الناطقين باللغة التركية، إضافة إلى استيلاء الحلفاء على أراض تركية، فقُسِّمت بلدان الشرق الاوسط حيث أخضعت فلسطين للانتداب البريطاني ولبنان وسوريا للانتداب الفرنسي.

وقد ألهبت شروط المعاهدة حالة من العداء والشعور القومي لدى الأتراك، فجرّد البرلمان الذي يقوده مصطفى كمال أتاتورك موقّعي المعاهدة من جنسيتهم ثم بدأت حرب الاستقلال التركية التي أفرزت معاهدة لوزان حيث وافق عليها القوميون الأتراك بقيادة أتاتورك؛ ممّا ساعد في تشكيل الجمهورية التركية الحديثة.

وُقِّع، قبل معاهدة سيفر، على معاهدة فرساي مع الإمبراطورية الألمانية لإلغاء الامتيازات الألمانية في الفلك العثماني ومنها الحقوق الاقتصادية والشركات.

وفي ذات الوقت تم "اتفاق سري ثلاثي" بين بريطانيا وفرنسا وإيطاليا. تحصل بريطانيا بموجبه على الإمتيازات النفطية والتجارية، وتُنقل ملكية الشركات الألمانية في الدولة العثمانية إلى شركات دول الاتفاق الثلاثي.

ولكن تبقى شروط معاهدة سيفر أشد وطئا على العثمانيين من شروط فرساي المفروضة على الألمان؛ وإن أخذت المفاوضات المفتوحة أكثر من خمسة عشر شهرا، بداية من مؤتمر باريس للسلام.

استمرت المفاوضات في مؤتمر لندن، إلا أنها اتخذت شكلا واضحا بعد اجتماع رؤساء الوزراء في مؤتمر سان ريمو في أبريل 1920.

وقد بدأت كل من فرنسا وإيطاليا وبريطانيا - سرا - محاولة تقسيم الدولة العثمانية منذ سنة 1915، ولكنها تأجلت لأن تلك القوى لم تتوصل إلى اتفاق فيما بينها، والذي كان متوقفا على حصيلة الحركة الوطنية التركية.

وقد ألغيت معاهدة سيفر خلال حرب الاستقلال التركية واستبدلتها الأطراف بمعاهدة لوزان التي وقعت عليها واعتمدتها سنة 1923 و1924.

ووقع ممثلو الدول على معاهدة سيفر في معرض لمصنع الخزف في سيفر بفرنسا. حيث أرسل السلطان محمد الخامس أربعة أشخاص للتوقيع على المعاهدة وهم: رضا توفيق والصدر الأعظم الداماد فريد باشا والسفير رشيد خالص ووزير التعليم العثماني هادي باشا، ووقع السير جورج ديكسون غراهام عن بريطانيا العظمى، ألكسندر ميلران عن فرنسا وولونجاري عن إيطاليا.

واستبعدت الولايات المتحدة، أحد اللاعبين الأساسيين في دول الحلفاء، من المعاهدة.
كما واستبعدت أيضا روسيا بسبب توقيعها على معاهدة برست ليتوفسك مع الدولة العثمانية سنة 1918.

بالنسبة لباقي دول الحلفاء، فقد رفضت اليونان الحدود المرسومة ولم تصدّق على المعاهدة.
ووقع أفتيس أهارونيان رئيس الوفد الأرمني على تلك المعاهدة؛ وهو نفسه الذي وقع على معاهدة باطوم يوم 4 يونيو 1918.

وقد تمكنت الدولة العثمانية في تلك المعاهدة، بسبب إصرار الصدر الأعظم طلعت باشا، من استعادة أراض احتلتها روسيا في الحرب الروسية التركية (1877-1878) وبالذات أرداهان وكارس وباطومي.