عوائق التواصل البيداغوجي.. ضعف النقل البيداغوجي وإخفاق المربي في تحديد النوافذ الواجب فتحها في النص للوصول من خلالها إلى الأهداف الحيوية في الدرس



من عوائق التواصل البيداغوجي ضعف النقل البيداغوجي وإخفاق المربي في تحديد النوافذ الواجب فتحها في النص للوصول من خلالها إلى الأهداف الحيوية في الدرس، ولنا في سورة "الحجرات" من برنامج السنة الثانية من التعليم الثانوي، والسنة التاسعة مثال جيد لبلورة ملامح هذا العائق وتصور الكيفية الواجب احتذاؤها والنسخ على منوالها لبعث الحيوية في درس القرآني وتنشيط أذهان التلاميذ وتحقيق التواصل البيداغوجي المنشود.

ونكتفي لهذا العرض بالمقطع القرآني التالي: "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم، ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون... الخ".

إن النسبة الغالبة من مدرسي مادة التربية والتفكير الإسلامي ما يزالون يكتفون في إنجاز هذا الدرس بشرح معنى السخرية، ومعنى اللمز، والتنابز بالألقاب ثم يتبعونه ببعض المضامين الوعظية يحولون بها الدرس إلى درس أخلاق غير مقرر بالبرامج الرسمية، والحال أن النقل البيداغوجي السليم يقتضي التركيز على تنزيل هذا الدرس في إطاره من البرامج حيث يحرص على تحقيق الأبعاد التي تتناسب مع محور الإصلاح في السنة الثانية من التعليم الثانوي، ومع محور الأخوة الإنسانية من برامج السنة التاسعة من التعليم الأساسي، وهذا يقتضي منا فتح واحدة من ثلاث نوافذ على الأقل.

1- الأولى: نافذة الشروح اللغوية:
وفيها نستعيض عن شرح الألفاظ التفصيلية (السخرية، اللمز، التنابز بالألقاب) بشرح المعاني. واعتبار مسميات الأسماء الثلاثة ضروبا من العنف اللفظي، ومطالبة التلاميذ بتنويع الأمثلة لهذا النوع من العنف، ثم نمر إلى دلالة الاقتضاء المتمثلة في اقتضاء النهي عن العنف اللفظي رفض العنف المادي وتحريمه، وبذلك نكون قد حققنا بعدا منهجيا وبعدا حضاريا لا يمكن التضحية بأي منهما في مثل هذا الدرس. ويبقى باب التوسع في استخراج مثل هذه المضامين مفتوحا، غير أن هذا البحث لا يتسع لاستعراض نماذج أكثر.

2- الثانية: نافذة استثمار الصيغ، ونكتفي منها باستثمار صيغة النكرة:
"لا يسخر قوم من قوم ولا نساء من نساء" لنصل من خلالها إلى مساعدة التلاميذ على إدراك ما تفيده النكرة هنا من عموم وإطلاق يستغرقان البشر جميعا بقطع النظر عن أديانهم ولغاتهم وعن ألوانهم، وأعراقهم وطبقاتهم الاجتماعية، فهي لا تعني تحريم السخرية من المسلمين فقط وإنما تعني تحريم السخرية من البشر جميعا. وما أروع القرآن إذ يحرم سب آلهة المشركين فيقول: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم..." (سورة الأنعام 108).

3- الثالثة: نافذة الأحكام:
ويكفينا لها الوقوف عند قوله تعالى: "ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون" لنساعد تلاميذنا على إدراك ما يفتحه الإسلام من أبواب لقبول توبة المخطئين... الخ وما في ذلك من مرونة وتسامح ومراعاة لطبيعة الإنسان.

* إخفاق الأستاذ في تحديد الكفايات الأساسية للدرس وضبط المعارف أو المهارات الواجب الاكتفاء بها في كل درس.


0 تعليقات:

إرسال تعليق