الرؤية" كوسيط في النقد الاجتماعي بين المبدع والواقع: تحليل معمق للعلاقة بين الرؤية الفردية للمبدع وتكوينه للصورة الذهنية للواقع

مفهوم "الرؤية" في النقد الاجتماعي: تحليل نقدي

نشأة المفهوم وتطوره:

برز مفهوم "الرؤية" في النقد الاجتماعي بشكل ضمني، حيث ربط بين الرؤية الفردية للمبدع ورؤيته للوسط الاجتماعي الذي ينتمي إليه. وتبلور هذا المفهوم بشكل أوضح مع الدراسات النقدية الروائية التي اعتمدت المنهج الاجتماعي، حيث تم استخدام "الرؤية" كوسيط بين المبدع والعالم الواقعي.

الرؤية كوسيط بين المبدع والواقع:

وفقًا لهذا المفهوم، لا يتعامل المبدع مع الواقع بشكل مباشر، بل يُكوّن عنه صورة ذهنية تتأثر بعوامل ذاتية وموضوعية. وبالتالي، لا تتطابق هذه الصورة مع الواقع نفسه بشكل كامل.

أمثلة تطبيقية:

يُقدم كتاب "الروائي والأرض" (1971) لعبد المحسن طه بدر مثالاً واضحًا على تطبيق مفهوم "الرؤية". حيث يرى بدر أن الإبداع الأدبي ينبثق من الرؤية الذاتية للمبدع، والتي تستمد قيمها من المجتمع. وبالتالي، يُصبح الإبداع وليدًا لهذه القيم الاجتماعية.

العلاقة بالمنهج البنيوي التكويني:

يتقاطع مفهوم "الرؤية" مع المنهج البنيوي التكويني الذي وضعه لوسيان غولدمان، حيث يُركز كلا المنهجين على العلاقة بين النص وسياقه الاجتماعي.

التخلص من المواقف الأيديولوجية:

يُشير العديد من النقاد الذين يتبنون مفهوم "الرؤية" إلى أهمية تجاوز المواقف الأيديولوجية أو السياسية المباشرة لصالح الدعوة الإنسانية العامة. ويرون أن رواية المبدع لا تُعدّ ذات قيمة عالية إلا إذا اتسمت بنزعة إنسانية شاملة.

نقاط نقدية:

  • غموض المفهوم: يُعاني مفهوم "الرؤية" من بعض الغموض وعدم الوضوح، مما يفتح المجال لتفسيرات متعددة.
  • إغفال دور العوامل الفردية: قد يُهمل التركيز على الرؤية الاجتماعية تأثير العوامل الفردية على إبداع المبدع.
  • اختزال الواقع: قد يُساهم التركيز على "الرؤية" في اختزال تعقيدات الواقع وتقليله إلى مجرد صورة ذهنية.

خلاصة:

يُقدم مفهوم "الرؤية" في النقد الاجتماعي أداة تحليلية لفهم العلاقة بين المبدع وإبداعه من جهة، وبين هذا الإبداع وسياقه الاجتماعي من جهة أخرى.
ومع ذلك، من المهم الحذر من الإفراط في الاعتماد على هذا المفهوم، وعدم إغفال العوامل الأخرى التي تُؤثر على إبداع المبدع.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال