شرح وتحليل المقامة المغزلية لبديع الزمان الهمذاني

حَدَّثَنا عِيسَى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: دَخَلْتُ البَصْرَةَ وَأَنَا مُتَّسِعُ الصِّيتِ كَثِيرُ الذِّكْرِ.
فَدَخَلَ عَلَيَّ فَتَيَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَيَّدَ اللهُ الشَّيْخَ، دَخَلَ هَذَا الفَتَى دَارَنَا، فَأَخَذَ فَنَجَ سُنَّارٍ، بِرَأْسِهِ دُوَارٌ، بِوَسَطِهِ زُنَّارٌ، وَفَلَكٌ دَوَّارٌ، رَخِيمُ الصَّوْتِ إِنْ صَرَّ، سَرِيعُ الكَرِّ إِنْ فَرَّ، طَويلُ الذَّيْلِ إِنْ جَرَّ، نَحيفُ المُنَطَّقِ، ضَعيفُ المُقَرْطَقِ، في قَدْرِ الجَزَرِ، مُقِيمٌ بِالحَضرِ، لا يَخْلُو مِنَ السَّفَرِ.

إِنْ أَودِعَ شَيْئاً رَدَّ، وَإِنْ كُلِّفَ سَيْراً جَدَّ، وَإِنْ أَجَرَّ حَبْلاً مَدَّ، هُنَاكَ عَظْمٌ وَخَشَبٌ، وَفيهِ مَالٌ وَنَشَبٌ، وَقَبْلٌ وَبَعْدٌ.
فَقَالَ الفَتَى: نَعَمْ أَيَّدَ اللهُ الشَّيْخَ لأَنَّهُ غَصَبَنِي عَلَى:
مُرَهَّفٍ سِـنـانُـهُ
مُذَلَّـقٍ أَسْـنَـانُـهُ
أَوْلاَدُهُ أَعْـوانُـــهُ
تَفْرِيقُ شَمْلٍ شَانُـهُ
مُوَاثِبٌ لِصَـاحِـبِـهْ
مُعَلَّقٌ بِـشَـارِبِـهِ
مُشْتَـبِـكُ الأَنْـيَابِ
في الشِّيبِ وَالشَّبَابِ
حُلْوٌ مَليحُ الشَّـكْـلِ
ضَاوٍ زَهِيدُ الأَكْـلِ
رَامٍ كَثيرُ الـنَّـبْـلِ
حَوْفَ اللِّحى والسَّبْلِ
فَقُلْتُ للأَوَّلِ: رُدَّ عَلَيْهِ المُشْطَ لِيَرُدَّ عَلَيْكَ المِغْزَلَ.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال