وجهة النظر الإيرانية حول أمن الخليج العربي.. علاقات لا تصالحية وأجواء انعدام الثقة بين العرب وإيران بسبب سعيها للسيطرة على شط العرب ومضيق هرمز

يضم الخليج العربي ممرين مائيين هما شط العرب، ومضيق هرمز، اللذين يتحكمان بالمدخلين الشمالي والجنوبي للخليج العربي، وبسبب تطلعات إيران للهيمنة على هذين الممرين المائيين تسود علاقات لا تصالحية وأجواء انعدام الثقة بين العرب وإيران في هذا الصدد.

1-شط العرب:

في عهد الإمبراطورية العثمانية كانت ملكية شط العرب كاملة للعراق واستمر الوضع على هذه الحالة حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، وبعد استقلال العراق عام 1932طالب بضرورة فرض سيادته على شط العرب باعتباره جزء لا يتجزأ من أرضه، وفي عام 1937 وقعت

إيران والعراق اتفاقية تثبت سيادة العراق على شط العرب الذي يبلغ طوله 100 ميل ويتشكل نتيجة التقاء نهري دجلة والفرات، يعتبر الحد الفاصل بين العراق وإيران، وبموجب هذه المعاهدة حصل العراق على حقوق ملاحة شاملة حتى علامة المياه المنخفضة على الجانب الإيراني بالإضافة إلى الملاحة حتى منتصف النهر.. وقد استثني من ذلك مناطق الرسو في الموانئ الإيرانية عبدان، خور مشهر، خسرو آباد.

قبلت إيران بالاتفاقية والتزمت بها حتى قيام ثورة تموز 1958 في العراق، وفي عام 1959 طالبت الحكومة الإيرانية بإعادة النظر في اتفاقية 1937 وضرورة إعادة جميع أمكنة رسو السفن خارج الموانئ الإيرانية، لأن السفن الإيرانية كانت ملزمة أن تدفع الرسوم وترفع العلم العراقي قبل دخولها الموانئ الإيرانية، وفي عام 1960 ادعت إيران أن الحكومة العراقية تماطل وترفض إعادة النظر في الاتفاقية المعقودة بين الطرفين وزعمت الحكومة الإيرانية أن العراق يستخدم الرسوم التي تجمعها سلطة ميناء البصرة لأسباب لا علاقة لها بمسألة تطوير مجرى شط العرب، ولذلك طالبت إيران بضرورة نقل الحدود العراقية الإيرانية إلى أعمق نقطة في القناة القابلة للملاحة في شط العرب.

فشلت مساعي العراق خلال الفترة ما بين تشرين الثاني 1963 ونيسان 1966، وهي الفترة التي تسلم الحكم فيها الرئيس عبد السلام عارف، فشلت في التوصل إلى اتفاقية مع إيران. وفي عام 1968 اتخذت القيادة العراقية التي وصلت إلى الحكم بعد انقلاب 1968 مبادرات عديدة لتحسين العلاقات مع إيران، وفي 19نيسان 1969 أعلنت إيران إلغاء معاهدة عام 1937 من جانب واحد.

وأعلن البيان الإيراني الذي صدر بهذه المناسبة أن السفن الإيرانية لن تدفع الرسوم للعراق، ولن ترفع العلم العراقي.

وعندما تمسك العراق بالمطالبة بالسيادة الكاملة على شط العرب، أرسلت إيران باخرة شحن مع مرافقة من سلاح البحرية والطائرات عبر شط العرب إلى الخليج، ورغم أن العراق لم يشتبك مع القوات الإيرانية المرافقة لسفينة الشحن، إلا أنه تمسك بالمطالبة بحقوقه.

وبقيت العلاقات بين الطرفين متوترة بسبب شط العرب إلى أن أثمرت الجهود الجزائرية في الوساطة بين الطرفين وتم في 13/6/1975، التوصل إلى الاتفاق العراقي -الإيراني حول شط العرب ويقضي بنقل الحدود المائية بين البلدين إلى وسط المصب، وهذا هو الاقتراح الإيراني وبذلك تم اقتسام شط العرب بالتساوي(72).

وعندما اندلعت الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، حاولت إيران السيطرة على شط العرب كله، والدلالة على ذلك محاولات الإيرانيين الاستيلاء على ميناءي الفاو والبصرة العراقيين، واستغلت إيران ظروف حرب الخليج الثانية لضرب وحدة التراب العراقي والسيطرة على ضفتي شط العرب بما في ذلك ميناء البصرة من خلال إثارة الفتن الطائفية في تلك المنطقة.

2- مضيق هرمز:

يربط مضيق هرمز الخليج العربي بخليج عمان، الأول بحر شبه مغلق والثاني بحر مفتوح وكلاهما يشكلان لسانين بحريين متصلين بالمحيط الهندي. ينتهي ساحل المضيق الجنوبي عند عمان بينما تشكل إيران ساحله الشمالي والشرقي.

يبلغ طول المضيق 104 أميال بحرية وعرضه من جهة عمان (المدخل الجنوبي المتصل بالبحار العالمية المفتوحة) حوالي 52.2 ميلا بحرياً، وهذا أقصى عرض للمضيق لأنه ما يلبث أن يضيق تدريجياً حتى يصبح عرضه 20.75 ميلا بحرياً عند النهاية الشمالية الشرقية من جزيرة لارك على الجانب الإيراني، وقوين الكبرى على الجانب العراقي. وهذا أقل اتساع للمضيق.

ويستمر عرض المضيق بحوالي 26ميلا بحرياً لمسافة 16 ميلا بحرياً في الاتجاه الشمالي الغربي لجزر قوين الثلاث (جزائر سلامة وبناتها) التي تقع داخل المضيق وعلى بعد 9أميال بحرية عن شبه جزيرة مسندم.

وبسبب كثرة الجزر في الممر البحري والتيارات الناجمة عن المد والجزر، حددت، المنظمة البحرية الاستشارية بين الحكومات ممرين بحريين:

- الأول يتجه شرقاً باتجاه خليج عمان، عرضه 1.5ميل بحري ويحاذي الجانب العماني على الشاطئ. 
- الثاني يتجه غرباً نحو الخليج العربي، عرضه 4.5 أميال بحرية.

يفصل بين الممرين شريط عرضه ميل بحري واحد يحول دون اصطدام السفن المبحرة في الممرين.

تنبع أهمية مضيق هرمز من كونه الممر المائي الذي تعبره صادرات التنقط من الخليج العربي إذ تقع كل حقول النفط وأغزرها في منطقة الخليج أو تحت مياهه، ولهذا السبب بالذات، لهذا المضيق أهمية خاصة لدى كل دول العالم، إذ أن مصالح العديد من دول العالم على اختلاف أحجامها، وآرائها، ونظمها السياسية، ومواقعها الجغرافية، ومستويات التطور الاقتصادي لديها، ولذلك ليس من المبالغة إطلاقاً أن دولا عده تطلق على هذا الممر اسم المضيق الاستراتيجي، صمام الأمان العالمي، الممر الدولي للنفط أو شريان الطاقة.

ويوجد في الخليج أربع جزر تتحكم بالمدخل الشمالي لمضيق هرمز ثلاث منها تتبع لدولة الإمارات العربية المتحدة وهي أبو موسى، طنب الصغرى وطنب الكبرى والرابعة إيرانية واسمها فرور.

وتنبع أهمية الجزر العربية الثلاث من أن المنطقة الفاصلة والمثبتة للمرور في مدخل الخليج والتي تستخدمها السفن المتجهة إلى رأس الخليج والمغادرة منه تقع في جزيرة طنب الكبرى وجزيرة فرور وتقع الممرات الأكثر عمقاً في المضيق نفسه في الجانب العربي وقد ثبتت العلامات الخاصة بالمنطقة الفاصلة من قبل منظمة البحرية الاستشارية بين الحكومات آمكو(73). The International Maritime Consultative. Organezation IMCO.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال