أثر استعمال التقويم التكويني في المقاربة بالكفايات في المكتسبات الرياضية لتلاميذ السنة الثانية من التعليم الأساسي



أثر استعمال التقويم التكويني في المقاربة بالكفايات في المكتسبات الرياضية:


الإشكالية:

وضعت وزارة التربية  المقاربة التعليمية  القائمة على "الكفايات"حيز التجريب  منذ 1995  وهي مقاربة تقتضي:
1- تقويم مدى  تملّك  التلاميذ  للكفايات الواجب اكتسابها  خاصّة في بداية كلّ سنة وفي  نهاية كلّ ثلاثية.
2- تشخيص  صعوبات التعلّم التي تعترض التلميذ وضبط جهاز علاجي يساعد المتعلّمين على تجاوز الصعوبات التي تعوق تعلّمهم.

وبهذا التقويم الجديد تحوّل المقاربة  بالكفايات تقويم مكتسبات المتعلّمين من عمل منعزل إلى عمل يسبق عملية التعلّم ويرافقها ويتبعها  ليعزّزها وتكون عملية التقويم مرتبطة بتطبيقات علاجية تؤدّي بدورها إلى وضع إستراتيجيات  تعلّم يمكن  حسب ظروف التلاميذ أن تبنى بطريقة فارقية حسب التلاميذ والمدارس وحسب حجم الأخطاء وتواترها.

التقويم  التكويني في إطار المقاربة بالكفايات:

وتدفعنا هذه الظاهرة  إلى التساؤل حول:
1- هل يحدث استعمال التقويم  التكويني، في إطار المقاربة بالكفايات، تغـييـرا ذا دلالة في نوعية مكتسبات  تلاميذ السنة الثانية من التعليم الأساسي في مادّة  الرّياضيات من ثلاثية إلى أخرى؟

2- هل يقلّص استعمال التقويم التكويني، في إطار المقاربة بالكفايات، من الفـروق بين متعلّمي السنة الثانية من التعليم الأساسي في المكتسبات  الرّياضية من ثلاثية إلى أخرى بشكل دال؟

3- هـل يحدث استعمال التقويم  التكويني، في إطار المقاربة بالكفايات، تغييرا ذا دلالة في معدّلات تلاميذ السنة الثانية من التعليم الأساسي في مادّة الرياضيات من ثلاثية إلى أخرى؟

الدّراسات السّابقة:

اهتمت دراسات عديدة بالتقويم التكويني، لكن الباحث توقف عند البحوث التالية لصلتها المتينة بموضوع البحث:
1- دراسة حول «إ مكانية إدخال التقويم التكويني في المدرسة الابتدائية التونسية» للبلجيكية "روزلين دوني" سنة 1993.
درست تصوّرات مختلف الأطراف، لكنها لم تبحث في التقويم ضمن المقاربة بالكفايات ولم تتعرّض إلى مكتسبات التلاميذ في الرّياضيات.

2- بحث «حول مكتسبات تلاميذ التعليم الابتدائي في مادة الرّياضيات» أنجزه معهد علوم التربية سنة 1996.
بحث في أسباب الفشل المدرسي (نوع التقويم، صياغة الاختبارات). لكنه جرى قبل الدخول في تجربة المقاربة بالكفايات.

3- دراسة حول «الكفايات الأساسية والمردود الدّراسي» أنجزها علي الأزهر سنة  1999و لم يسلّط أضواء حول أثر استعمال التقويم التكويني ولم يعتمد نفس المعايير، كما اقتصر بحثه على  تلاميذ السنة الخامسة والسنة الثالثة.

مصطلحات البحث ومفاهيمه:

1- التقويم:

هوعملية مركبة تشمل جمع بيانات تتعلّق بمعايير ذات صلة بهدف مرسوم ومقابلة تلك البيانات المجمّعة بالمعايير قصد اتخاذ قرار.
- التقويم التكويني في المنظومة السلوكية الجديدة (أي حسب "بلوم" وغيره) وفي المنظومة العرفانية.
- المقاربة بالكفايات كمشروع للحدّ من الفشل المدرسي ومعالجة أسبابه وتعتمد استراتيجية  تستند إلى تمشّ اندماجي مع تمييز ما هو أساسي عن ما هو فرعي واعتماد التقويم التكويني والاستعانة بالبيداغوجيا الفارقية...

2- الإدماج:

وهو تمش مركّب يمكّن من تعبئة مكتسبات أو عناصر مرتبطة بمنظومة معيّنة في وضعية دالة قصد إعادة هيكلة تعلّمات سابقة وتكييفها طبقا لمستلزمات مقام معيّن لتملّك تعلّم جديد.

3- الفروق الفردية:

أشرنا  خاصة إلى الفروق في الدّافعية بين التلاميذ والفروق في النمو المعرفي وفي علاقة كلّ متعلّم بالمعرفة والفروق في الأسلوب المعرفي...

4- الرّياضيات:

وهي علوم تدرس الكمّيات العددية والعلاقات بينها والكمّيات الفراغية والعلاقات بينها، وتتضمّن الحساب والهندسة والجبر، وتشمل فروعا مثل الرياضة التطبيقية والرياضة الحديثة...

5- المكتسبات الرّياضية:

"المكتسب" هو ناتج عوامل عديدة: بيئية وبيداغوجية وسيكولوجية واجتماعية، وهو متنوّع ومتحوّل إذ يأخذ حالات عديدة نوعية وكمّية ويخضع للتقويم حسب مقاربة منظومية.

المنهجية المعتمدة:

1- فرضيات الـبحث:

وضع الباحث أربع فرضيات رئيسية لبحثه وتسع فرضيات فرعية: فقد افترض أنّ  استعمال التقويم التكويني في إطار المقاربة  بالكفايات الأساسية يحدث تغييرا ذا دلالة  في نوعية وفي كمّ المكتسبات الرياضية لتلاميذ السنة الثانية من التعليم الأساسي من خلال مقارنة نتائج اختبار قبلي بنتائج اختبار بعدي لعينة تجريبية وأخرى شاهدة، كما افترض أنه يقلص من الفروق بين المتعلمين في المكتسبات الرياضية المتعلقة بمعايير الحدّ الأدنى من ثلاثية إلى أخرى بشكل دال لكنّه يحافظ على وجود فروق بين التلاميذ في مستوى كفايات التميز.

2- أدوات البحث:

استعمل الباحث لجمع البيانات في هذا البحث المقابلة نصف الموجهة (مقابلة معلمين ومقابلة تلاميذ) وشبكات الملاحظة: (وتخصّ الإعداد للتقويم ومراعاة الإدماج، كما تلاحظ تمرير روائز التقويم وحصص التعديل والدّعم والعلاج) إلى جانب اختبارات في التحصيل المعرفي في مجال الرياضيات.

3- مجتمع البحث وتحديد العينات:

تمّ اختيار العيّنات عشوائيا من بين تلاميذ معتمديتي قربة ودار شعبان من ولاية نابل:
600 تلميذ ضمن 18 فصلا يقوم على تدريسهم 18 معلّما (نصفهم في العينة الشاهدة والنصف الآخر في العينة التجريبية).

تحليل نتائج البحث:

1- الأدوات الإحصائية التي وقع استعمالها لتحليل نتائج الدّراسة:

استعمل  الباحث اختبار تحليل التباين للتثبت من تكافؤ العينتين قبل التجريب واختلافهما بعد التجريب، كما استعمل أدوات الإحصاء الوصفي (بيانات وتوزيعات تكرارية ومقاييس النزعة المركزية) لوصف التحوّلات الحاصلة كمّيا في المكتسبات واستعمل جداول تحليل المضامين النوعية لإجابات التلاميذ والمعلّمين عند المقابلات.

2- نتائج البحث:

انتهت التجربة إلى نتائج ايجابية حيث تحقّقت كلّ فرضيات البحث لكن بعد توفّر شروط عديدة اقتضت إدخال المزيد من المرونة على جوانب عديدة من العمل التربوي بالفصول.

شروط بلوغ نتائج ايجابية:

ومن الشروط الجديدة التي اجتمعت وساعدت على بلوغ هذه النتائج، نذكر:

- تنظيم الفضاء بشكل أنسب:

وضع المقاعد ونوعيتها، توظيف الجدران والمعلّقات للتقييم الذاتي والنتائج...

- تحسين العلاقات بالفصل:

تفاعل اجتماعي معرفي  في إطار تعاقدي فيشارك الأطفال في التقويم.

- التركيز على أهداف التعلّم الأساسية:

تعلّم منهجيات التعلّم، اكتساب الكفايات الدنيا من طرف الجميع ومساعدة المتعثّرين على اجتياز العوائق.

- تنوّع مسارات التعلّم:فردي أو جماعي.وفق نتائج التقويم..

- تنوّع الوسائل المعتمدة:

أشياء، صور، رسوم، مشخصات، نقود، نقود مزيفة، معدودات، لوحات، وسائل اتصال جديدة، آلات ناسخة، لفائف ورق...

- تنظيم الزّمن:

بتخصيص فترات للتعلّم الاستكشافي وفترات للتعلّم الآلي وفترات للتعلّم الإدماجي، وتحديد مدّة التقويم وفترات الدّعم والعلاج حسب حاجيات التلاميذ وأنساقهم...

- التخطيط للعمل:

وفق نمط اندماجي مع تعديل المخطط جزئيا أو كلّيا كلّما كشف التقويم نقائص أو غاب الاتساق بين المحتويات والحيز الزّمني.

- تكوين المعلّمين وانخراطهم في التجربة:

تكوين في صياغة الاختبارات وجمع البيانات وتشخيص الأخطاء وتعديل المخططات والمسارات والعلاج والدعم...
د. أحمد شبشوب