سيزا قاسم وبناء الرواية.. دراسة مقارنة في ثلاثية نجيب محفوظ. الواقعية الفرنسية والرواية العربية في مصر



سيزا قاسم وبناء الرواية:

سيزا قاسم باحثة حداثية من مصر.
 أصدرت كتابها (بناء الرواية: دراسة مقارنة في ثلاثية نجيب محفوظ) عام 1984، وهو طبعة مزيدة ومنقحة لرسالتها الجامعية (الواقعية الفرنسية والرواية العربية في مصر من عام 1945 حتى 1960) التي تقدمت بها عام 1978 للحصول على درجة الدكتوراه من كلية آداب جامعة القاهرة.

بناء الرواية:

في (بناء الرواية) أعلنت الباحثة عن اختيارها للمنهج البنيوي في التحليل السردي قائلة: (وإذا كنا قد اخترنا المنهج البنائي مدخلاً لبحثنا هذا فإننا لا نزعم أننا ننكر أهمية الزوايا الأخرى التي يمكن أن تُدرس من خلالها الأعمال الأدبية، ولا ننكر أيضاً حتمية النظر إلى الأدب على أنه كائن حي متطور ـ ص 15).

ولكي توفر الباحثة لبحثها العمق العلمي المطلوب فقد اختارت عملاً روائياً واحداً هو (ثلاثية) نجيب محفوظ، تلمست فيها كيفية استخدام الأساليب والتقنيات السردية، لأنها (تعتبر من أفضل الأعمال الروائية التي كُتبت في أدبنا الحديث، وأكملها بناء).

الروايات الأنهار وروايات الأجيال:

وعلى الرغم من كثرة مثل هذه الروايات المتتابعة الأجزاء في الآداب الغربية، حيث سُمّيت بالروايات (الأنهار)، وروايات (الأجيال)، كما هي عند رومان رولان في روايته (كريستوف) (1904-1912) في خمسة مجلدات، ومارسيل بروست في روايته (البحث عن الزمن المفقود) (1913-1927) في اثني عشر مجلداً، وجول رومان في روايته Les homes de Bonne Volonte (1932-1947) في سبعة وعشرين مجلداً، وجورج ديهاميل في روايته (La chronique des pasquier) (1933-1944) في عشرة مجلدات. أقول على الرغم من انتشار مثل هذه الروايات المتتابعة الأجزاء في الآداب الغربية، فإنها قليلة الكم في أدبنا المعاصر، لكون الرواية فناً ناشئاً لدينا.

الشكل الروائي:

وقد التفت بعض أدبائنا المحدثين إلى هذه الظاهرة فكتبوا فيها كما فعل صدقي إسماعيل في ثلاثيته (العصاة)، ونبيل سليمان في رباعيته (مدارات الشرق)، وعبد الرحمن منيف في خماسيته (مدن الملح)، وعبد الكريم ناصيف في ثلاثيته (الطريق إلى الشمس)، ومحمد ديب في ثلاثيته (الجزائر)...

إن المحاولات الجادة في دراسة (الشكل الروائي) التي بدأت في مطلع القرن العشرين تحت تأثير مدرسة (الشكليين الروس)، ومدرسة (النقد الجديد) في أمريكا، قد أثمرت (المنهج البنيوي) الفرنسي بعد منتصف القرن العشرين، وأسهمت في تطوير الشكل الروائي لدى كتّاب الرواية: جيمس جويس، ومارسيل بروست، ورتشاردسون (في رواية تيار الوعي)، وميشيل بوتور، وآلان روب غرييه، وناتالي ساروت في (الرواية الجديدة أو الرواية الشيئية) وغيرهم.

الخروج على الالتزام بالمنهج البنيوي:

وقد استعانت الباحثة بأعمال الناقد الفرنسي المعاصر جيرار جينيت G. Gennette في كتابه (أشكال 1/1966)، و (أشكال 2/1969)، و(أشكال 3/1972) التي خرج فيها على الالتزام بالمنهج البنيوي، وقال بضرورة الأخذ من المناهج الأخرى كالتأويلية والتاريخية. كما اعتمدت بعض كتابات النقاد البنيويين الروس، وبخاصة بوريس أوسبنسكي في كتابه (نظرية الصياغة: بناء النص الفني ونوعيات الشكل الفني) 1970.

الأدوات النقدية البنيوية في تحليل العمل الروائي:

وقد حاولت الباحثة أن تدرس الثلاثية: (دراسة موضوعية بعيدة عن الأفكار المسبقة، لنحاول التعرف على نسيجها وأبعادها الفنية وملامحها المميزة، مستقرئين التقنيات المختلفة التي لجأ إليها محفوظ لصياغة عمله الضخم... ومع العناية التي حظيت بها أعمال نجيب محفوظ من نقاد الأدب العربي الحديث ومؤرخيه إلا أنها لم تُدرس من ناحية تحليل بنيتها أو مقارنة تقنياتها بتقنيات الرواية الغربية. لذا حاولنا في هذا البحث أن نخطّ هيكلاً عاماً يمكن تكراره في دراسة أعمال روائية أخرى ـ ص 28).

وقد استخدمت الباحثة أدواتها النقدية البنيوية في تحليل العمل الروائي إلى عناصره الأولية وطبيعة العلاقات التي تقوم بين هذه العناصر.
ولم تعن بإطلاق الأحكام التقييمية، لأن بحثها دراسة وصفية للبنية.
وقد جعلت الباحثة كتابها في ثلاثة فصول: بناء الزمان، وبناء المكان، والمنظور.
ومهّدت لكل فصل بمقدمة نظرية أعقبتها بتطبيقات عملية من الثلاثية مقارنة بغيرها من الروايات الواقعية الغربية.


0 تعليقات:

إرسال تعليق