أسباب ضعف اللغة العربية.. تفشّي الأميّة وشيوع العامية وهجر الفصيح اللغوي وغربته وضعف معلمي اللغة وعدم إلمامهم بقواعدها وأصولها



أسباب ضعف اللغة العربية:

لاشك بأن العامل النفسي له دور كبير في تفشي الضعف في اللغة العربية.
فقد دخل في روعنا أن اللغة العربية صعبة، متعدّدة، كثيرة القواعد مع اختلاف الآراء فيها، وأن الكتابة العربية بما فيها من مشاكل تشكّل عائقاً كبيراً، وسبباً جسيماً في ضعف الناس في استخدام صحيح اللغة.
ولعلّ تعقّد الحياة في هذا العصر، وما يصاحبه باطّراد من غلاء الأسعار، وازدياد اهتمام الناس بالسعي لتوفير قوتهم، وتحصيل معاشهم، يشكّل عاملاً آخر من العوامل العامة في ضعف العربي في لغته العربية، إذ لم يعد لديهم الوقت لارتياد المكتبات، وعزّ عليهم المال لشراء الكتب، واقتناء المقروءات، وتفشّي الأميّة، وشيوع العامية من الأسباب الواضحة في ضعف اللغة لدى أبناء العربية.

ارتفاع نسبة الأمية:

ومع كل الجهود الحثيثة من الحكومات لمكافحة الأميّة، فإن نسبة الأمية ما تزال كبيرة.
ومن أسباب ذلك ندرة المعلم الجيد، فقد أصبحت مهمة تدريس العربية في شتى مراحل الدراسة، تسند إلى مدرّسين غير أكفاء.
كما أن وسائل الإعلام تساهم في الضعف اللغوي القائم، حيث لا تهتم كثيراً باللغة العربية، ولا تضع في أهدافها العمل على السمو والارتقاء، باللغة الفصيحة السليمة.

مشكلة تعليمية:

أما المؤلفون الذين يكتبون في شتى الموضوعات بلغة ضعيفة، فهم يقدّمون لقرائهم نموذجاً لا يساهم برفع مستواهم اللغوي، بل ينحدر بهم الضعف اللغوي الذي نشهده.
أما المشكلة الأساس فتكمن في تعلّمنا العربي، فكثير من البلدان عزلوا اللغة العربية، فصارت بعض الجامعات تدرّس مادة اللغة العربية لغير المختصين، والطالب الجامعي العربي الذي يدرس التاريخ، أو الفلسفة يجب التساهل مع لغته، لأنه لا يدرس في اختصاص اللغة العربية.
إذن، في ضوء ما سبق نرى بأن المشكلة ذات أساس فكري، وثقافي، يخصّ هوية المواطن العربي، ومشروعه المستقل، ووعيه بذاته.
واكتشافنا لهويتنا، وذواتنا سيليه اهتمام باللغة.

مظاهر إهمال اللغة العربية:

كما تتعرّض لغتنا العربية لألوان من الهجر، والمضايقة، والتشويه من أكثر أبنائها، يتمثّل ذلك في الآتي:
  • إن اللغة الأجنبية هي لغة التعليم الجامعي في الأقسام العلميّة, في كثير من جامعات الدول العربية.
  • اللغة السائدة في المراكز الصحيّة، والمستشفيات، والفنادق هي اللغة الأجنبية مع أن غالبية الأطباء، والعاملين في تلك المؤسسات والمواقع من العرب.
  • الكم الهائل من المفردات تسلّلت إلى لغتنا العربية، وبخاصة في معشر المثقفين غير مدركين لخطورة هذا المسلك.
  • هجر الفصيح اللغوي وغربته.
  • ضعف معلمي اللغة بشكل عام، واللغة العربية بشكل خاص، فلا يلتزمون بالفصيح في أثناء تدريسهم، ويستخدمون اللهجة المحليّة وذلك يعود لسببين:
- أولهما: عدم اهتمامهم بالعربية الفصيحة.
- ثانيهما: عدم إلمامهم بقواعدها وأصولها، وعدم وجود المنهج الدراسي المختار بعناية، ووجود الأخطاء الجسيمة، والمخالفات اللغوية، والنحوية الواضحة في اللافتات، واللوحات المعلّقة على واجهات المحلات التجارية، ووجود بعض المسمّيات الدخيلة على لغتنا، والاحتفاء بالآداب الشعبية والأشعار العامية، فترى الصحف تتسابق في خدمة هذا النوع من الأدب ونشره، والتشجيع عليه، وهذا دليل على ضعف المستوى التذوّقي عند بعض أفراد الأمة.

إعداد تربوي:

وبناء على ما مرّ فلابد من إيجاد الحلول المناسبة، بإعداد تربوي إلى جانب الشهادة الجامعية، فإعداد المعلم الجيد لأساليب التدريس، التي يجب أن توضع مراعية لمعطيات علم التربية وعلم النفس، ومناسبة لحقائق اللغة العربية ذاتها، وقدرات التلاميذ في تقبّلها، والترفيع التلقائي الذي درجت وزارات التربية والتعليم العربية على العمل به، في الصفوف الابتدائية الدنيا، سبب في جعل التلاميذ يصلون المراحل العليا وهم ضعاف في اللغة وفي غيرها من الدروس.

ولابد من التربية الجمالية، وديمقراطية روحية لفهم اللغة. واللغوي العامل بالمعجم اللغوي ليحرس اللغة، عليه أن يتماشى مع تطوّر اللغة، ويدخل ما يستجد من مفردات حديثة ومتطورة، لنصل إلى لغة عربية، فصيحة، قويمة مسايرة للتطوير، وللمستجدات الحديثة.