عفاف السيد.. المزاوجة بين العالم الخارجي للشخصية وبين وجودها الباطني النفسي

عفاف السيد.. أديبة وقاصة .. تتميز بحسها الفني الرقيق وذوقها المثقف ورهافة اللفظ.. وبراعة تصوير المواقف التي تكشف عن أبعاد الشخصيات التي ترسمها بدقة وتبرز أبعادها الاجتماعية والنفسية والخلقية.. وتكشف عما تعانيه من صراع مع نفسها.. أو مع الآخرين. ولأن هذه الشخصيات سوية وواعية لها ضمير حي يقظ تخرج من أزماتها منتصرة على نفسها في لحظات الضعف وهذا أقوى الانتصارات على النفس أو على الآخرين.

لا تعرض نفسها على شخصياتها ولكنها تفصح بنفسها عن أفكارها بشكل طبيعي من خلال الحوار المناسب لعقلها ومن خلال المواقف التي تتحرك فيها بطبيعة، كما أن الكاتبة تقدم شخصياتها من تجارب عاشتها بنفسها أو تجارب سمعتها عن الآخرين تتمثلها الكاتبة تماماً ثم تخرجها بعد ذلك عملاً.

فالكاتبة تتجه في أغلب قصصها إلى العالم الداخلي النفسي للشخصيات، ولا تحفل كثيراً بالواقع الخارجي إلا بمقدار ما يحفز الشخصية إلى الارتداد لذاتها وذكرياتها وأزمتها الحاضرة..

ولا تشغل الكاتبة نفسها بما يشغل به كتاب آخرون أنفسهم من رصد لأحوال أو قضايا أوعلاقة الناس بعضهم ببعض، بل تقدم شخصية تعيش لحظة نفسية متوترة أو متأزمة تتصل عادة بحدث بعينه من الواقع بل تنبع من تكوين نفسي ممتد كامن يستثيره حاضر عارض، وترسم الكاتبة أبعادها من خلال عرضها لهواجس الشخصية وحواضرها وذكرياتها.

وقد تزاوج الكاتبة بين العالم الخارجي الذي تتحرك فيه الشخصية ووجودها الباطني النفسي، لكن عناصر العالم الخارجي تبدو مختارة عن قصد لكي تحفز الشخصية إلى ما تفكر فيه أو تشعر به.

ويقترب أسلوب الكاتبة من بناء الشعر وروحه في اللحظات التي تصفو فيها نفس الشخصية القصصية من هواجسها ويراودها الأمل في سعادة مقبلة أو رضا وشيك أو حين يستبد بها الخوف والقلق ويمتزج لديها المشهد الخارجي بمخاوف العقل الباطن.. وفي تلك اللحظات الخالصة للمشاعر أو الوجدان تصبح لغة الشعر - في هذه القصص - أقدر الأساليب على التعبير والتجسيم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال