عبدالله عبدالجبار.. بين التيارات الأدبية الحديثة والغزو الفكري في العالم العربي



في محفل الجنادرية يتقدم وفي اطار التكريم يتبوأ مكانه شاهدا على احتفاء هذا الوطن بأبنائه المخلصين والمعطائين وان طال الزمن.. 
هو فارس هذا العام وشخصيته الجديرة بالحفاوة والاضاءة اسعد تكريمه المفكرين والادباء والمثقفين والتربويين ليعرفه ابناء هذا الوطن بعد ان ظل في دائرة العزلة الاختيارية لاعوام طويلة. 
نأى منذ اكثر من 40 عاما عن الساحة الثقافية ولكن لم تنأ اسهاماته وفعالياته الفكرية والنقدية وريادته البحثية فمازال كتابه (التيارات الأدبية الحديثة في قلب الجزيرة العربية) حاضرا بقوة مؤكدا رؤيته ذات البعد التاريخي الفاهم لمكونات الطبيعة والبشر والحضارة واستكشاف العلاقات بينها وتأثيرها في الابداع.
عبدالله عبدالجبار قامة نقدية وفكرية وتربوية كان لها فضل الريادة في مجالات عديدة، بعضها لم يلق عليه الضوء مثل المسرحيات والتمثيليات الاذاعية والقصص. 
وبعضها حمل له الشهرة مثل كتابه (التيارات الأدبية الحديثة.. الذي صدر عام 1959م) وبعضها مر في حياته بقليل من الضوء مثل كتاب (الغزو الفكري في العالم العربي) وقصة الأدب في الحجاز في العصر الجاهلي 1958 بمشاركة محمد عبدالمنعم خفاجة.. عبدالجبار الذي ولد في عام 1920م وتعلم في كتاب المعلمة فوزية بجدة ومنه الى مدارس الفلاح والمعهد السعودي ثم القاهرة مشرفا على البعثات السعودية وهناك توهج فكره وكان صالونه الأدبي يجمع العديد من الأدباء السعوديين والمصريين ومنهم انور المعداوي وعبدالقادر القط وحمزة شحاته وابراهيم فلال وغيرهم. 
بعد ذلك توجه الى بريطانيا ليفتتح اول مدرسة لتعليم ابناء السلك الدبلوماسي العربي اللغة العربية ليعود الى ارض الوطن مستشارا لجامعة الملك عبدالعزيز بجدة عند تأسيسها وقد تبرع بمكتبته لها. 
وعبدالله عبدالجبار الذي فاته قطار الزواج فظل عازبا كالعقاد وضع الجزء الثاني من كتابه (التيارات الأدبية الحديثة...) تحت عنوان: (فن المقالة ولكنه لم يطبع).. 
واذا كان عبدالمقصود خوجة قد كرم عبدالجبار في اثنينيته منذ اكثر من ثماني سنوات تقريبا فها هي الدولة تكرمه الان ايمانا منها بدور الأدباء والمفكرين في صنع الثقافة والفكر.. انها بحق لفتة وفاء وشعور بالتقدير لمن قدموا لهذا الوطن العطاء والاخلاص.