في سياق إجابته عن سؤال لماري إلياس حول كتابة "الأيام المخمورة" يتعلق بمدى انشغاله بعملية الكتابة في حد ذاتها أم بموضوع المسرحية، أجاب سعد الله ونوس قائلا: "هذه هي خصوصية الكتابة للمسرح بالنسبة لي.
إنني أفكر بالمسرح وبالموضوع الذي أكتبه.
إن أية كتابة للمسرح هي، دائما، هذان الشيئان المتلازمان اللذان سبق وتكلمنا كثيرا عنهما وهما: مضمون وموضوع المسرحية من جهة، وإعادة نظر في المسرح ذاته كأداة تعبير أو كجنس أدبي وفني من جهة أخرى.
لابد أنك لاحظت، خلال أحاديثنا الطويلة إلى أي حد يشكل المسرح كبنية هاجسا بالنسبة لي.
وأنا غالبا ما أشعر أن هذه البنية التي سبق واستخدمتها سابقا، قد استنفذت، وأني لم أعد قادرا على تكرارها أو استعادتها.
إن نجاح المهمة، بطبيعة الحال يتوقف على التجانس بين الرؤية التي تحملها المسرحية والبنية الجديدة التي يقترحها أو يلجأ إليها الكاتب.
في عملي الجديد، هناك محاولة لنسف شكل ما من أشكال المسرح وإغناء إمكانياته.
هناك اعتماد كبير على أشكال متنوعة من السرد، بمعنى أن السرد لم يعد مجرد عنصر خارجي عن الحدث عبر راو أو حكواتي".
هناك اعتماد كبير على أشكال متنوعة من السرد، بمعنى أن السرد لم يعد مجرد عنصر خارجي عن الحدث عبر راو أو حكواتي".
يقدم هذا الجواب مفاتيح أساسية للاقتراب من مسرحية "الأيام المخمورة" سواء على مستوى البنية أو الرؤية.
فبنية المسرحية تقوم، شكليا، على استراتيجية سردية، كما تنبني، موضوعاتيا، على التفكير في قضايا مختلفة موازاة مع إعادة النظر في المسرح ذاته من حيث كونه أداة أو جنسا تعبيريا.
ولهذه البنية علاقة وطيدة بالرؤية التي تحملها المسرحية.
ويتضح من كلام سعد الله ونوس أن الرؤية عنده تحمل بعدا مزدوجا: فنيا وإيديولوجيا في آن واحد.
يتعلق الأمر، من الناحية الفنية بنسف شكل مسرحي مستنفذ، ويصبح هذا النسف، من الناحية الإيديولوجية متعلقا بنظرة معينة إزاء الواقع يحملها هذا الشكل.
وقد عبر ونوس نفسه عن هذا النسف الإيديولوجي، في سياق آخر، بـ"كسر القدسية Démystification".