حدود النص الأدبي عند صدوق نور الدين.. دراسة في التنظير والإبداع والتوفيق بين المنهج الاجتماعي والمنهج النفسي والمنهج البنيوي



حدود النص الأدبي: دراسة في التنظير والإبداع

الناقد المغربي (صدّوق نور الدين) أصدر كتابه (حدود النص الأدبي: دراسة في التنظير والإبداع) عام 1984 قال فيه:
"إن اختلاف المناهج أدى بنا إلى الوقوف على المنهج الاجتماعي، وهو منهج يربط النص بالمجتمع.
في حين أن المنهج النفسي يهدف إلى الكشف عن الدافع النفسي للإبداع.

المنهج البنيوي بنية مغلقة

أما المنهج البنيوي فيعتبر النص بنية مغلقة، وداخل هذه البنية ثمة علاقات منتظمة.
وقد حاولت في هذه الخطة الاستفادة من المناهج السالفة، رغبة في تشكيل نوع من التوفيق الهادف خدمة النص، ودون الرسو بسفينة النقد عند منهج بذاته" (ص 7-8).

ولكن "التوفيق" بين مناهج نقدية متباينة ليس سوى (تلفيق) لا يخدم النص وإنما يشتته، ولا يُظهر جمالياته أو بنياته.

ذلك أن الناقد المسلح بمنهج نقدي يشبه الطبيب الاختصاصي الذي يعالج المرض الذي أجرى اختصاصه فيه: فالناقد الاجتماعي يجيد معالجة الظروف الاجتماعية وعلاقاتها بالأدب، والناقد النفسي يجيد معالجة ظروف المبدع وتأثيرها على نفسيته وبالتالي على نتاجه الأدبي، والناقد البنيوي يجيد تحليل الأدب من وجهة النظر الألسنية وعلاقات البنيات ببعضها بعضاً.

النص الأدبي مجموعة نصوص متناصة ومتداخلة

ومن المستحيل (خلط) هذه المناهج المتباينة للخروج بفرية منهج "تكاملي"، ذلك أن (النص الأدبي) ليس هو وحده، وإنما هو مجموعة نصوص متناصة ومتداخلة، منها القديم ومنها الحديث.
وعلى الرغم من استقلالية النص وخصوصيته، فإن له مرجعه (أو مراجعه) الذي يستمد منه نسغ حياته.

والناقد الحداثي حين يمارس عملية نقد نص ما فإنه يعيد كتابته بطريقة أخرى، حيث تنطبع في ذاكرته تصورات تمت إلى الحاضر والغائب: الحاضر الكامن في النص، والغائب فيما وراء النص. ومن هنا التداخل بين الواقعي والخيالي.

الواقعية المباشرة

وقد عالج الباحث في كتابه: الرواية، والقصة القصيرة، والشعر.
فدرس رواية (محاولة عيش) لمحمد زفزاف، ورواية (رحال ولد المكي) لمحمد صوف، ورواية (الأبله والمنسية وياسمين) للميلودي شغموم، ورواية (اميلشيل) لسعيد علوش، ورواية (عالم بلا خرائط) لجبرا إبراهيم جبرا، وعبد الرحمن منيف، ورواية (الرحيل بين السهم والوتر) لحليم بركات.

وفي القصة القصيرة تحدث عن الواقعية المباشرة في مجموعة (عيون تحت الليل) لمبارك الدريبي، والجنون بطرق مختلفة في مجموعة (مجنون الورد) لمحمد شكري، والجانب الفني في مجموعة (الأيام والليالي) لإدريس الخوري.

وفي الشعر حلل مقطعاً من قصيدة (بيروت) لمحمود درويش، واستنبط منه ثنائية: الدمار/ والجمال، ومقطعاً من قصيدة (لا تصالح) لأمل دنقل، واستنبط منه ثنائية: الرفض/ والمواجهة، ومقطعاً من قصيدة (مرثية إلى حلوان) لمحمد بوجبيري، واستنبط منه ثنائية: الحضور/ والغياب.

الأدب المغربي المعاصر

وما يُلاحظ على الكتاب هو اهتمامه بالأدب المغربي المعاصر وحده، إذ معظم الروايات والقصص التي عولجت كانت لأدباء مغاربة فحسب، كما يُلاحظ اهتمامه بالسرد، فقد عالج كماً أكبر من الروايات، مقابل (مقاطع) من بعض القصائد.

وهذه (المقاطع) لا تعطي صورة كاملة عن القصيدة ولا عن صاحبها.
وعلى الرغم من أن الباحث طبّق فيها "المنهج البنيوي"، فإنه لم يخرج بوصف لـ(بنية) القصيدة ولا لـ(علاقات) وحداتها.
ولم يتبع حتى المنهج "التوفيقي" الذي اقترحه.