مقارنة الآداب من زاوية التأثير.. التركيز على التشابهات التيبولوجية والاهتمام بدراسات التوازي والتقابل بين الآداب

إن الزعم بأنّ مقارنة الآداب من زاوية التأثير أمر غير مجدٍ علمياً ومعرفياً هو زعم لاصحّة له، بل العكس هو الصحيح.

فمقارنة ظواهر أدبية متشابهة في آداب قومية مختلفة لم تقم بينها علاقات تأثير أمر مثير معرفياً، وتحدّ معرفي كبير لعلوم الأدب.

إنّ تفسير ظواهر التشابه بين الآداب التي ترجع إلى علاقات التأثير أمر سهل، وذلك بمجرد إثبات الوسائط التي تمّ من خلالها ذلك التأثير.

ولكن كيف نفسّر ظواهر التشابه الملاحظة بين آداب لم تقم بينها علاقات تأثير، ولذلك لايمكن إرجاعها إلى تلك العلاقات؟ ذلك هو السؤال الذي رفض الأدب المقارن التقليدي أن يجيب عنه، وأبعده عن دائرة الاهتمام بطريقة تعسفية.

إلاّ أنّ ذلك السؤال هو السؤال الذي انطلقت منه الاتجاهات والمدارس الجديدة في الأدب المقارن، كالمدرسة "السلافية" التي ركّزت على "التشابهات التيبولوجية" والمدرسة "الأمريكية" التي اهتمت بدراسات "التوازي والتقابل" بين الآداب.

وبرفض الأدب المقارن التقليدي (الفرنسي)  الإجابة عن هذا السؤال، فإنه حصر الدارسات المقارنة في قمقم ضيّق، وسدّ أمامها إمكانات وآفاقاً رحبة للمقارنة.

ولذلك لم يكن من الصعب ولا المستغرب أن توجّه سهام النقد إلى الأدب المقارن التقليدي (دراسات التأثير)، وأن تعلو الأصوات التي تنادي بتجاوزه.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال