حسن المعاشرة من خلال تحمل كل من الزوجين هفوات الآخر ومراعاة ظروفه واحتياجاته النفسية والعقلية



قال تعالى: " وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) سورة النساء.
روى حكيم بن معاوية عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، ما حق الزوجة على أحدنا؟ قال: "أن تَطعمها إذا طَعِمْتَ، وأن تكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبّح، ولا تهجُر إلا في البيت" رواه أحمد 4/446، وأبو داود (2142) وابن ماجه (1850) والاكم (2/187) وصححه ووافقه الذهبي.
وقال عليه الصلاة والسلام: "خيرُكم خيرُكُم لأهله، وأنا خيركم لأهله"- رواه الترمذي (3895) وقال: حسن غريب صحيح، قال الألباني (الصحيحة 285): وإسناده صحيح على شرط الشيخين وابن حبان.
كانت [أمامة بنت الحارث] التغلبية من فضليات النساء في العرب ولها حكم مشهورة في الأخلاق والمواعظ لما تزوج [الحارث بن عمرو ملك كندة] ابنتها أم إياس بنت عوف وأرادوا أن يحملوها إلى زوجها أوصتها أمها في ليلة الزفاف إلى زوجها بوصية قيمة قالت فيها: -وأسمعي أيتها المرأة- قالت فيها : يا بنية إن الوصية لو كانت تترك لفضل أدب أو لتقدم حسب لرويت ذلك عنك ولأبعدته منك ولكنها تذكرة للعاقل ومنبهة للغافل، أي بنية لو استغنت امرأة عن زوج بفضل مال أبيها لكنتِ أغنى الناس عن ذلك ولكنا للرجال خلقن كما خلقوا لنا بنيتي إنك قد فارقتِ الحمى الذي منه خرجت والعش الذي فيه درجتِ إلى وكر لم تعرفيه وقرين لم تألفيه أصبح بملكه عليكِ مليكا فكوني له أمة يكن لكِ عبدا وشيكا واحفظي عنى خلالا عشرة يكن لك ذكرى وذخرا :
أما الأولى والثانية فالصحبة بالقناعة والمعاشرة بحسن السمع والطاعة فإن في القناعة راحة القلب وفى حسن المعاشرة مرضاة الرب.
وأما الثالثة والرابعة فالمعاهدة لموضع عينيه والتفقد لموضع أنفه فلا تقع عيناه منك على قبيح ولا يشم أنفه منك إلا أطيب ريح واعلمي يا بنية أن الكحل أحسن الحسن الموجود والماء أطيب المفقود.
والخامسة والسادسة التعاهد لوقت طعامه والتفقد لحين منامه فإن حرارة الجوع ملهبة وتنغيص حاله مكربة.
وأما السابعة والثامنة الاحتفاظ ببيته وماله والرعاية لحشمه وعياله فإن حفظ المال أصل التقدير والرعاية للحشم والعيال من حسن التدبير .
وأما التاسعة والعاشرة فلا تفشين له سرا ولا تعصين له أمرا فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره وإن عصيت أمره أوغرت صدره واتقىِ مع ذلك كله الفرح إذا كان ترحا والاكتئاب إذا كان فرحا فإن الأولى من التقصير والثانية من التكدير وأشد ما تكونين له إعظاما أشد ما يكون لك إكراما وأشد ما تكونين له موافقة أطول ما يكون لك مرافقة واعلمي يا بنيتي أنك لا تقدرين على ذلك حتى تؤثري رضاه على رضاك وتقدمي هواه على هواك فيما أحببت أو كرهت والله يضع لك الخير وأستودعك الله .محاضرات الأدباء للحموي 1/415 .
 جاء في قصة عمّة حُصين بن محصن التي جاءت للرسول r فسألها: "أذات زوج أنت؟ قالت: نعم. قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه - أي لا أقصر في خدمته وطاعته - إلا ما عجزت عنه" فقال لها: "انظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك" رواه أحمد (4/341)، وابن سعد 8/409، والحاكم 2/189 وصححه، وحسنه الألباني.).
قيل لأبي عثمان النيسابوري: ما أرجى عمل عندك؟قال: كنت في صبوتي يجتهد أهلي أن أتزوج فآبي. فجاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان! أسألك بالله أن تتزوجني، فأحضرت أباها، وكان فقيراً فزوّجني منها، وفرح بذلك.فلما دخلت إليّ رأيتها عوراء، عرجاء مشومة!! قال: وكانت لمحبتها لي تمنعني الخروج فأقعد حفظا لقلبها، ولا أظهر لها من البغض شيئا. فبقيت هكذا خمس عشر حتى ماتت، فما من عملي شيء هو أرجى عندي من حفظي لقلبها. صيد الخاطر (1 / 132).
كانت عائشة رضي الله عنها تشرب من الإناء؛فيأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيها ويشرب،وكان يضع رأسه في حجرها- وهي حائض-فيقرأ القرآن.
فحسن المعاشرة من الإيمان, ومن حسن المعاشرة أن يتحمل كل من الزوجين هفوات الآخر, وأن يراعي ظروفه واحتياجاته النفسية والعقلية.