تفعيل الحياة المدرسية وجعلها مكانا المواطنة والإبداع والمشاركة والتنشيط والتفاعل البناء والإيجابي



 لم تعد المدرسة اليوم فضاء للتعليم والتلقين منعزلة عن المجتمع، بل صارت مدرسة الحياة وفضاء للسعاة والأمان، يشعر فيها المتعلم بالدفء والحميمية وشاعرية الانتماء.

إن مدرسة الحياة لهي مدرسة المواطنة والإبداع والمشاركة والتنشيط والتفاعل البناء والإيجابي بين كل المتدخلين في الحياة المدرسية، من فاعلين تربويين وشركاء المدرسة الاقتصاديين والاجتماعيين وكل فعاليات المجتمع المدني.

وإذا كان التنشيط ذا مفهوم عام، يضم الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية والإعلامية، والشراكات المادية والمعنوية في تفعيل أدوار الحياة المدرسية، فإنه يساهم في تنمية القدرات الذهنية والجوانب الوجدانية والحركية لدى المتعلم، وتجعله إنسانا صالحا لوطنه وأمته، مبدعا ومبتكرا وخلاقا يهتم بمؤسسته ويغير عليها أيما غيرة، ويساهم في تغيير محيطه الاجتماعي واستدخال الفاعلين الخارجيين والتواصل معهم.

إن المدرسة التي ينشدها الميثاق الوطني للتربية والتكوين هي التي يتحقق فيها التنشيط بكل مستوياته والاندماج بكل إيجابية واقتناع، وذلك من أجل خلق حياة مدرسية ينعم فيها الفاعلون التربويون بالسعادة والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وفي مقدمتهم المتعلمون الذين يتربون على نبذ العنف والتطرف والانعزالية، ويتبنون مبدأ الحوار البناء والمشاركة الفعالة مع باقي المتدخلين في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها في فضاء المحبة والصداقة، لإقصاء التغريب والتهميش والإقصاء. 

إنها مدرسة منفتحة على محيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، يساهم في تطويرها" كل الأطراف المعنية من جماعات محلية وقطاع خاص ومؤسسات إنتاجية وجمعيات ومنظمات وسائر الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، دون إغفال دور الآباء والأمهات ومسؤولي الأسر في المشاركة بالمراقبة والتتبع والحرص على المستوى المطلوب".

ولاشك أن تضافر جهود كل هذه الأطراف سيخلق مدرسة مفعمة بالحياة، نشيطة ومتطورة، نحن في أمس الحاجة إليها. وفي الأخير، نحن نريد متمدرسين نشيطين، وهيئة إدارية نشيطة، وهيئة تدريس نشيطة، ومجالس المؤسسة نشيطة، وهيئة التأطير والمراقبة نشيطة، ونيابة نشيطة، ومجتمع مدرسي نشيط، حتى يشارك الجميع في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها.

توصيــــــات:
أقترح في ختام هذا البحث مجموعة من التوصيات أراها ضرورية للارتقاء بالحياة المدرسية في مؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي. وإليكم بعض هذه التوصيات:

1- التطبيق المنهجي لمضامين المذكرات الوزارية والجهوية المتعلقة بتنظيم عملية التنشيط في الحياة المدرسية ومجالاته المتعددة، بتضافر الجهود بين الجهاز الإداري وهيئة التدريس وإشراك المتعلمين، وذلك بتشكيل لجنة مكلفة بمهام التنشيط التربوي، تنبثق عن مجلس تدبير المؤسسة حيث يكون من مهامها:

- وضع خطة عمل وتصميم محكم وبرنامج شامل لفقرات ونماذج التنشيط الممكنة والمزمع إنجازها مع تحديد أهدافها.

- وضع جدول زمني لتوزيع مختلف الأنشطة التربوية على مدار السنة الدراسية، يراعى فيه رصد المناسبات والأيام الدينية والوطنية والعالمية والبيئية لتوعية التلاميذ وتحسيسهم في إطار محاضرات وعروض فنية ومسرحية وإقامة معارض والقيام بزيارات ميدانية لجهات معينة أو مؤسسات صناعية...

2- تأسيس أندية تربوية تكلف بتنفيذ برامج الأنشطة المسطرة في إطار مشروع المؤسسة.

3- الوعي بكون عملية تنشيط الحياة المدرسية وظيفة جماعية تتقاسم وتتكامل فيها أدوار كل الفاعلين التربويين كل حسب اختصاصه، باعتبار أن العمل التربوي عمل جماعي تواصلي.

4- رصد حاجيات المؤسسة والعمل على توفير المستلزمات الضرورية لتنشيط المؤسسات التعليمية بتكثيف التعاون بين لجنة التنشيط والجماعات المحلية والمجالس البلدية.

5- المطالبة بتخصيص اعتمادات مالية، من قبل الوزارة الوصية، خاصة بتنشيط المؤسسات التعليمية.

6- وضع آليات من طرف النيابات لمراقبة وتتبع تنفيذ البرامج المسطرة لتنشيط الحياة المدرسة في المؤسسات التعليمية.

7- مراجعة البرامج التعليمية والمقررات الدراسية الحالية وجداول الحصص، ذلك أن طول هذه المقررات وكثرة الحصص الدراسية لا يتركان للمتعلم هامشا من الوقت للقيان بأي نشاط تربوي آخر.

8- تكوين منشطين متخصصين، مع إدخال مادة التنشيط داخل مقررات وزارة التربية الوطنية.

9- العمل على رصد الكفاءات وتحفيزها على الخلق والإبداع بتخصيص جوائز تقديرية لها.

10- تفعيل دور المكتبة المدرسية بجعلها مركزا تكوينيا وتأطيريا للمتعلمين، يقصدونها وهم حاملون لمشاريع قرائية.

11- ضرورة إيلاء عناية خاصة لحال الداخليات، وذلك بالتعاون مع الشركاء التربويين والاجتماعيين والاقتصاديين من أجل مساعدتها على توفير تجهيزاتها اللازمة لإنجاز مختلف الأنشطة.

12- العمل على ربط المؤسسة بالعالم الخارجي عن طريق التواصل معه قصد إقناعه بضرورة الانخراط في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها ماديا ومعنويا لكون المدرسة ملكا للجميع...

13- تبسيط المساطر القانونية وتسهيلها لمواكبة التجديد، والسماح للفاعلين الخارجيين بربط شراكات مع المؤسسات التعليمية دون انتظار التأشير المركزي أو الجهوي أو المحلي.