ليس كل الرجال يستحقون القوامة على المرأة

جعل الإسلام الرجل قواما على المرأة (الرجال قوامون على النساء) لحكمة ربانية تتعلق بطبيعة كل من الجنسين ولكن يبدو أن كثيرا من الناس أساوْوا فهم القوامة وجهلوا الحكمة التي وراءها..فليست قوامة الرجل في الإسلام قوامة السطوة و الاستبداد ولاستعباد..ولكنها قوامة التبعات والالتزامات والمسؤوليات ..قوامة مبنية على الشورى والتفاهم على أمور البيت والأسرة..قوامة ليس منشأها تفضيل عنصر الرجل على عنصر المرأة, و إنما منشأها ما ركب ألله في الرجل من ميزات فكرية تؤهله لدور القوامة لا توجد في المرأة,بينما ركب في المرأة ميزات فطرية أخرى تؤهلها للقيام بما خلقت من أجله وهو الأمومة ورعاية البيت وشؤونه الداخلية..فهو أقوم منها في الجسم وأقدر على الكسب والدفاع عن بيته وعرضه،لاشك في ذالك.. وهو أقدر منها على معالجة الأمور وحل معضلات الحياة بالمنطق والحكمة وتحكيم العقل..والأمومة والبيت في حاجة إلى نوع آخر من الميزات الفطرية..في حاجة إلى العاطفة والحنان الدافىء , والإحساس المرهف لتصفي على البيت روح الحنان والحب وتغمر أولادها بالعطف والشفقة..
ولكن في هذا الزمن الذي انهارت فيه القيم والأخلاق بشكل رهيب لم نعد نفهم لمن تكون القوامة؟؟..
هل القوامة له الرجل الذي تخلى عن جميع مسؤولياته التي تقع عليه من قيادة الأسرة وحمل دفتها بل ورعاية المجتمع ككل؟..أم أن القوامة لذاك الرجل الذي لا يفكر في قضاء عشر دقائق على ألأقل مع أولاده وزوجته في حين أنه يقضى ساعات لا حصر لها ولا عدد في مجالس أصدقائه أو في المقاهي؟..
هل القوامة لهذا الرجل الذي يتهرب من مسؤولياته كذبا وزورا لتعيش أسرته على المساعدات الاجتماعية تحت رحمة الأيدي الكادحة،حيث أن المساعدات الاجتماعية تأتي من ضرائب الموظفين (خاصة في بلاد الغرب)؟..أم أن القوامة لهذا الرجل ألأناني الذي يسعى لتحقيق رجولته بكونه أبا ينجب ضاربا بعرض الحائط  الأم الحالمة بالأمومة ناسيا معايير الأبوة والعطاء من جميع النواحي؟..
هل القوامة لهذا الزوج الذي يقوم بضرب زوجته المسكينة ليبرهن لنفسه ولزوجته على انه سيد البيت المطلق والزوجة ليست سوى جارية تطيع أوامر السيد ولتدرك مدى رجولته؟..أم أن القوامة لهذا الزوج الذي يرى أن الزوجة و الأولاد ملجأ للتنفيس عن مشاكله وضعفه في الخارج فيقوم بضربهم كلما دخل البيت ليبرهن لنفسه انه قوي؟...
هل القوامة لهذا الزوج الذي يتنكر لكل ما بناه بفضل زوجته وينسب الفضل لنفسه ويكافئ زوجته المسكينة بالزواج بأخرى وإرضاء شهواته؟..أم أن القوامة لهذا الزوج الذي يتصيد عيوب الزوجة ويختلق المشكلات وينظر لها نظرة دونية ولا ينفع معه حب ولا حنان لأن عينيه فارغة ولا يفكر إلا بغرائزه؟..
هل القوامة لهذا الزوج الذي يستولي على راتب الزوجة وجميع ممتلكاتها وفي حالة الاحتجاج يظهر رجولته أمامها..عصبي المزاج لا يقبل المناقشة وإعطاء الرأي .. يهددها بالطلاق لأن المرأة تخاف منه لأن اللوم سيقع عليها حتى لو كان سبب الطلاق معروفا، وتخاف من الفضائح وشماتة الناس وكل هذه الأمور تجعلها تصبر وتستمر وهو لا يدري أن هذا العنف يدمرها ويدمر الأطفال اللذين تصبر من أجلهم..
لقد ضاعت معنى الرجولة بكافة أشكالها، والتي تعني تحمل المسئولية والعمل بالأخلاق والقيم التي أرساها الدين والموروث الشعبي بداخلنا، و تخلى الرجال عن مسئولياتهم مما أدى إلى وقوعنا في أزمة رجولة، ومع الأسف هذا ما حدث في الفترة الأخيرة، حيث أصبح المفهوم السائد الآن " نفسي" وتخلى الرجال عن معظم مسئولياتهم،   فحدث خلل واضح في المجتمع وانهارت الرجولة والقيم والمبادئ التي آمنا بها ونشأنا عليها، فلمن تكون القوامة إذا؟..

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال