ميراي بانوسيان: انا جريئة لكنني كنت خائفة من البطولة

بيروت - 'القدس العربي' عادت ميراي بانوسيان إلى المسرح بعد عشر سنوات تفرغت خلالها لتربية طفليها وكانت عودتها في مسرحية من نوع الفودفيل تولت بطولتها. 'سوزان وأم طعان' شخصيتان تلعبهما ميراي - وهو كذلك عنوان المسرحية -التي وجدت إقبالاً خلال عرضها في بيروت وجونية. وميراي بإنتظار الصيف لتبدأ جولة على المناطق اللبنانية، وقد تزور بلاد الإغتراب، فالكل يشتاقها في شخصية 'أم طعان' التي تمثل المرأة اللبنانية الجنوبية في لهجتها.
معها كان هذا الحوار:
* تجسدين شخصيتين في هذا العمل المسرحي وتظهرين صراعاً بين الأصالة والهبوط الفني فهل من رسالة أخرى تريدين إيصالها؟
* بكل تأكيد لأن المسرحية هدفها إجتماعي إنساني. نحن مع الأصالة، الإرتباط بالأرض، والتماسك العائلي. ففي أحيان قد يخرج أحد أبناء العائلة عن السياق الأخلاقي، أو ربما تشذ فتاة عن قاعدة المبادىء المتعارف عليها. وقد تكون ردود الأفعال غير صحيحة أو غير منطقية من الأهل، في حين أن هذا الشاب أو هذه الفتاة تكون بحاجة للحب والحنان والأحتضان. وهذا ما كانت المسرحية بصدده. فعندما جاءت 'أم طعان' شقيقة 'سوزان' من القرية لتذكر شقيقتها بخميرة الطيبة والحياة السوية المزروعة داخل تلك العائلة تجاوبت بسرعة. وعادت هذه الخميرة لتحيا داخل 'سوزان' مباشرة. وهذا هو الهدف الأبعد من الفن الهابط الذي جسدته 'سوزان' والذي أردنا إيصاله للجمهور.
* ألم يكن متاحاً أن تعالج هذه الأفكار في نص بعيد عن شكل الفودفيل؟
* نص 'سوزان وأم طعان' إستوحيته من نص فرنسي ينتمي لمسرح الفودفيل بإمتياز. والفودفيل معروف بأنه لا يحمل رسائل معقدة. وهو يعتمد على تسكير وتفتيح الأبواب والمواقف الخاطئة، إضافة لكوميديا الموقف. أحببت فكرة التوأم والتشويق الذي يعيشه المشاهد بتوالي الأحداث. هي مسرحية تحمل في كل لحظة حدثاً جديداً. جذبني أكثر لهذا النص أنه أتاح لي إضافة مواقف رغبت بقولها. ولهذا صار النص والمسرح الفودفيلي متضمناً في الوقت نفسه للمسرح الشعبي الهادف.
* ما هو تعليق مكتشف ميراي بانوسيان الفنان منير كسرواني؟
* منير كسرواني أستاذي وهو إختارني من بين زملائي في الجامعة وأعطاني دور 'أم طعان'. وهو كذلك منحني فرصة العمل الطويل معه وفي مسرحيات متعددة. لا أخفي عنك أني رغبت بأن يشاركني هذا العمل. لكن في هذا النص لم يكن هناك دور يليق بقامة منير كسرواني وتاريخه المسرحي. هو قرأ النص وأعطاني ملاحظاته، وشاهد العرض الأول وكان شديد الفخر بممثلة تخرجت من مدرسته. مدرسة المسرح الملتزم والشعبي. فرحت كثيراً برأي الفنان كسرواني وهو قال بأن فرحته لا توصف لأن ميراي برأيه قدمت عملاً جميلاً.
* لم نشهد من قبل بطولة نسائية في مسرح فودفيل من أين لك الجرأة؟
* من المؤكد بأني جريئة في خوض مغامرة المسرح بعد غياب عشر سنوات. ثمة جيل لا يعرفني. كنت في خوف شديد من خطوتي تلك. وهنا لا أنسى مطلقاً وقوف زوجي إلى جانبي ودعمه لي. وقفة ميلاد أبي حيد إلى جانبي عظيمة.
* إلى جانب الدعم العاطفي والمعنوي ما هو دور زوجك في دعمك؟
* الدعم المعنوي والعاطفي تحصيل حاصل يضاف إليه الدعم المادي فالمسرحية من إنتاجه. لدى إكتشاف شخص يحبنا ويؤمن بموهبتنا بهذا القدر الكبير فهذا جيد جداً. لكن كل هذا لا يلغي القلق من أن يكون الجمهور قد نسي ممثلة غابت عنه عشر سنوات. الفنان الذي يقف لسنة عن العمل يعيش أزمة. فكيف به إذا وقف لعشر سنوات.
* كم من الزمن رافقك هذا القلق؟
* القلق رافقني منذ قررت المباشرة بهذا العمل. كنت في تساؤل دائم إن كان الجمهور سيقول أن أم طعان أصبحت من الماضي؟ أو هو سيقول بأنها شخصية مهضومة نرغب بمشاهدتها؟ ولهذا كان وقوف زوجي بقربي أساسيا جداً كذلك وقوف زملاء لي كثير منهم منير كسرواني، جهاد الأندري، أليكو داوود وغيرهم. جميعهم شجعوني بالقول بأني محبوبة من الجمهور. ولأني إنسان وبشر وأخاف كنت أعبر بإستمرار لزملائي عن أحاسيسي. لقد لازمني القلق حتى إنتهينا من العروض الأولى. ولا شك بأن العروض الأولى سارت ببطء لحين أخذت الأعلانات طريقها للناس.
* هل كنت في تحدٍ مع الذات؟
* أحببت هذا التحدي فالبطولة المطلقة هي لرجل على الدوام. ودائماً كنت في تساؤل لماذا المرأة لا؟ برأيي يفترض أن تكون المرأة رائدة.
أربعة أشهر من العروض وهذا ما يقول بنجاح الرهان والتحدي؟
* والحمدلله. ونحن نعمل بمواجهة صالة 'مفولة' خميس جمعة سبت أحد سواء في عروضنا في مسرح جورج الخامس أو في مسرح المدينة. كنا نتمنى الإستمرار في مسرح المدينة لأربعة أشهر مقبلة، لكن للأسف برمجة المسرح المسبقة منعت ذلك. ولهذا نحن في المرحلة المقبلة سنجول في المناطق من صيدا إلى صور. كذلك هناك طلب للعرض في بلاد الإغتراب، أوستراليا وكندا والولايات المتحدة.
* وهل السفر متاح لميراي الأم؟ هل كبر العيال؟
* نعم كبروا إلى حد ما. لكن إن كان السفر خلال الصيف وهو المفضل بالنسبة لي لأني سوف أكون برفقة ولديّ. ربما أوافق على السفر القصير نسبياً كمثل العرض في الأردن. الشغف هو الذي يحركني بقوة نحو عملي.
* تضمنت المسرحية تهشيماً متصاعداً بالصحافيين هل نحن الصحافيين لهذه الدرجة مرتشين وكاريكاتوريين؟
* لا شك بأنك شخصياً تعرفين وجود صحافيين يرتشون كما في كل مجال من مجالات الحياة. حتى بين الممثلين هناك من يساير ويمسح الجوخ ليحصل على دور أو ليكون في دور البطولة.
* وهل طالبك أحد الصحافيين بالمال؟
* أبداً. لكن من طبيعة الإنسان أن يكون ضعيفاً أمام المال في أي مصلحة كان. في الإعلام، في الفن، أو حتى في شركة ما. الإغراءات تأخذ الإنسان إليها إذا لم يكن مُحصناً. أردت القول بوجود الإغراءات في الحياة. لكن الحقيقة تظهر في شخصية أم طعان التي يقال أنها أمية لا تعرف الكتابة والقراءة. لكنها كشخصية كشفت كافة الأقنعة. وهي التي تمكنت من إعادة شقيقتها إلى حقيقتها.
المشاهد الذي يعشق أم طعان هل كان في خوف عليها وهو يشاهدها في دور سوزان؟
* عندما تلعب أم طعان لعبتها في مسار المسرحية تقول 'شو أنا بدي ضلني قحط وعزِّل بالضيعة'؟ فهي تنجرف الى مغريات الحياة في المدينة لزمن قصير. عندها تعمل أم طعان لإقناع المشاهد بتحولها خاصة عندما تخبره بأنها ذاهبة إلى 'الجاكوزي'. كذلك عندما تؤدي أغنية شقيقتها تترك الجمهور يتساءل معقول أن الحياة في المدينة أغرت أم طعان؟ لقد شكلت أم طعان رمزاً في تحولها السريع ومن ثم عودتها إلى أصالتها، حين تقول للناس 'صدّقتوا؟ أم طعان أبتتغيرش'. وعلى هذه الجملة تتلقى أم طعان يومياً كماً كبيراً من التصفيق. الجمهور يفرح عندما تقول له أم طعان 'معقول أترك ضيعتي معقول خير السنة بغصونها مشغول. لا يوم إشتكى من جوع أو من فقر والناس بتاكل بعضها معقول'.
* هل غامرت بكتابة النص بكامل تفاصيله؟
* هي مغامرة على كافة المستويات. المهم أن النص مرر رسائل إنسانية كثيرة من خلال شخصية أم طعان. وقدم نقداً لا بأس به للسياسيين.
* هي رسائل للسياسيين فهل وصلت إليهم؟
* يفترض أن تكون وصلت للسياسيين الذين حضروا المسرحية. ومن الذين حضروا النائب غسان مخيبر، سيمون أبي رميا، شاهيه برصوميان، آغوب بقرادونيان، وزير الشباب والرياضة علي عبدالله، وزير الثقافة سليم وردة ووزير السياحة فادي عبود.
* هل تجمعك علاقة جيدة بالسياسيين؟
* عندما كنت في ساحة الفن لسنوات طويلة كنت على علاقة جيدة مع الأستاذ نبيه بري، والأستاذ فؤاد السنيورة. والتواصل بدأ يعود.
* هل يدخل التلفزيون ضمن حساباتك كممثلة؟
* من المؤكد أنه بحسابي. لكن كما هو ظاهر للتلفزيون أهله المحتفظين والمتمسكين بمواقعهم على كافة القنوات. أتحلى بطموح كبير يبعدني عن اليأس. تقدمت لكل من 'أل بي سي' و'أو تي في' بنصوص لمسلسلات. لكن ثمة تجمعات تسيِّر نمطها المعهود على الشاشات. لست بيائسة وسيأتي اليوم الذي يطلبوني فيه على هاتفي.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال