بين زمن الخلفاء المثليين وزمن اللجوء الجنسي لإسرائيل.. المحافظة على الإيمان مع ممارسة الفاحشة



لم تكن أوروبا كما ما هي عليه الآن، فحتى مشارف السبعينات من القرن الماضي كانت تقوم باعدام المثليين كونها لا تعترف بهم ضمن نطاقها الاجتماعي العام، بينما كان المشرق في العصور الوسطى أكثر تحللا من الانماط الاجتماعية الصارمة بهذا الشأن حيث سادت تجارة الغلمان خاصة في بلاط الخلفاء والولاة وانتشرت ثقافة التغزل بهم 'شعرا' مما ساعد على ترويج هذه الظاهرة واعتيادها.

حسب ليليان داوود في برنامج ما لا يقال الذي تبثه الـ'بي بي سي' العربية - انعكست الآية وانقلبت المعادلة فما السبب؟

'براين ويتيكر' مراسل 'الغارديان' في الشرق الاوسط يرى ان الشرق لم يعد كما كان ملاذا للمستشرقين والمثليين، فقد اصبحت المثلية هنا جريمة اجتماعية وخطيئة اخلاقية في حين نجد أن المثليين في الغرب حصلوا على الكثير من الحقوق المدنية في المجتمع ومنها 'الزواج'... فماذا تبقى على القيامة؟

الفرص الممنوحة للضيوف كانت محدودة لا تفي بالغرض لان الأسئلة التي تم توجيهها لهم من الاهمية بما يستحق ان تستوفى الإجابة عنها غير ان عامل الوقت لم يتح المجال لذلك.

ففي الفيلم الوثائقي الذي عرض قبل تداول الحوار بدا ان السياحة الجنسية في المغرب تلاقي رواجا ملفتا مما استنكره الضيف المغربي واصرت عليه داوود مؤكدة على امانة التوثيق قاطعة الطريق امام اي استرسال حول الموضوع، وهو ما اغاظ الضيف الذي حاول دون جدوى توضيح الأمر.

الدهشة تأتي مما أكدته المحاضرة سمر حبيب من سيدني على رواج المثلية في العصور الاسلامية الاولى وهي تستشهد بالأمين أخ الخليفة المامون تحديدا، مشيدة بتلك المرحلة التي عكست استيعابا مرنا لهذه النماذج في المجتمع بشكل طبيعي أكثر بكثير مما تعيشه الآن مجتمعاتنا ونحن في عصر التكنولوجيا والعولمة، لتتوجه مديرة الحوار الى الداعية الدكتور العوضي من الكويت طالبة منه نصا شرعيا صريحا يحرم المثلية الجنسية.

وهذا بدا مهتما بالادلة العلمية علما بان لكل ضيف دوره في الحلقة وكان اولى به ان يحرص على التركيز على الناحية الشرعية لأن في القصص القرآني ما يزيد عن المطلوب لكنه اكتفى بآية رقم 88 من سورة لوط والتي يعتبر اللواط فيها فاحشة...

الا ان هذا كاف كرد على وجهة نظر الدكتورة حبيب لان لوطية الامين (مثليته) لا تعني بالضرورة ان المجتمع الاسلامي تعامل مع تلك الظاهرة من منطلق الاعتراف بها او تشريعها، لانها منافية للقيم الاسلامية أصلا.

أما 'قرة' الضيفة الباكستانية المحجبة و'البويا'، حسب التعبير الشائع في المجتمع الخليجي فلم تجد حرجا في التصريح بانها وجدت صيغة خاصة بها مكنتها من ارتداء الحجاب وممارسة المتعة الجنسية مع صديقتها المثلية دون ان تخاف على ايمانها من ممارستها وهي سعيدة بهذه القناعة!

فكيف يستطيع المرء ان يحافظ على ايمانه وهو يصر على الفاحشة؟
هذا ليس تناقضا ابدا بل انه مسخرة، لان للايمان شروطا من خرج عنها انتفى ايمانه.
ببساطة وانت تستمع الى هؤلاء تحس بالمرارة اذ تدرك معنى تعميم العبث كثقافة!

من تابع فيلم 'برونو' وكنت تطرقت اليه سابقا في تقرير مفصل، يعرف أين يتجه العالم، الى الدرك الاسفل من الحرية التي هي تخبط في واقع الحال، اقول قولي هذا ليس لاننا امة لا تحترم الحرية الشخصية والقرار الذاتي انما لاننا تعودنا على احترام الطبيعة ومصالحتها لا تحديها واختراقها بما اوتينا من متعة مدمرة وهواجس جنسية منحرفة، والا فما علينا سوى رفع شعار انا منحرف إذن انا حر! أو ربما العكس ما دام الأمر كله يسير الى 'الوراء در يا منحرف يا حر '!

ليس المهم ان تحدد زاوية الانحراف لانه سيأتي زمن على أمتي لن تعد العدة فيه للعدو بل للحرية، فالعدو من امامها والحرية من الوراء!!!!! وحذار من الانحناء!

لجوء جنسي:
هل تستطيع أن تحصل على الحرية الجنسية في وطن مسلوب وأسير؟
بمعنى كيف تكون حرا أو تبحث عن الحرية في معتقل او سجن؟
يعني ببساطة هل تستطيع ان تمارس حريتك في اسرائيل الدولة المحتلة التي تصادر الحرية وتعتقل الحياة؟

روضة الفتاة الفلسطينية التي توجهت الى تل ابيب بحثا عن الامان والاعتراف بها كمثلية وجدت ان تل ابيب اكثر اضطهادا لها كفلسطينية من مجتمعها الذي لم يتقبلها فعادت ادراجها الى فلسطين كي تؤسس لمشروع يدعم المثلية ويكرسها تحت شعار 'صمتك تصريح قتل' ... السؤال هو: كيف تحصلين على الحرية الجسدية في وطن بلا حرية بلا جسد؟

وان كانت روضة محقة بان الاحتلال هو الجرم الاكبر والاول فمتى نضاهي الاحتلال اجراما بحق انفسنا ووطنا وحريتنا؟

شاؤول صاحب الملهى الليلي في اسرائيل صرح بان الشباب الفلسطينيين يرتادون ملهاه بحثا عن الحرية التي يفتقدونها في مجتمعهم وان هؤلاء يتألمون لدى رؤية الملهى عرضة للاحزمة الناسفة؟ فمن المدين بالحرية للأخر نحن أم المحتل؟

هل يكون حينها الاحتلال هو الخطر الحقيقي؟
صحيح أن لكل بيت مصرفه حين يغدو هؤلاء سموما تسيء الى مسيرة الوعي النضالي من اجل التحرر.

لا اتمنى ان ارى البعض يرهن وطنه كي يحرر جسده، لأن الجسد ليس هو الوطن البديل، ولا هو الطريق الى الوطن، انه الابن الضال في حانة شاؤول، وطز يا حرية!

مستشار عرفات:
لبسام ابو شريف حضور خاص في اي برنامج يستضيفه، لكن حلقة 'مثير للجدل' على قناة ابو ظبي حملت خصوصية مختلفة عبرت عنها مقدمة البرنامج لما احتج شريف اكثر من مرة على اسئلتها وحنق كثيرا منها في الوقت الذي استوعبت هي غضبه بصبر وسعة صدر، يعوزهما العمق الذي كان ينشده شريف في الحوار او ربما الاصح ان اقول في الاسئلة، الى الحد الذي بدا فيه مستفزا من ذاك الجهل كما قالها صراحة! وهو ما تمنينا لو انه لم يقله!

أثيرت مسألة السلاح الفلسطيني في المخيمات الفلسطينية في لبنان وقد ربطها شريف بشرطين أستغربهما حقا، لأن حصول الفلسطيني على حقوقه المدنية متساويا في ذلك مع اللبناني، ما هو إلا حق إنساني لا يمكن ان نقرنه كشرط بسحب السلاح الذي هو أيضا حق إنساني آخر، فلو أنه اكتفى بربط توفير الحماية للفلسطينيين من قبل الدرك اللبناني كشرط أساسي لبدا الأمر أكثر منطقية خاصة وانه اصر على ان يصدر قرار فوري بذلك لو تمت تسوية الامر على هذا النحو.

أثيرت مواضيع عدة كاختراق الموساد الاسرائيلي للبنان من عقود خلت، وكذلك مسألة العمالة وقتل الحريري ومغنية، مما حول الحلقة الى لقاء استثنائي وهو ما يستلزم وعيا اعلاميا يستطيع ان يخدم الوعي السياسي ويستفزه استفزازا ايجابيا كي يبلغ من التصريح الاعلامي مبلغ السبق الصحافي الذي يروض حدة المزاج لصالح ارتجال الحقيقة لا تجملها او اضطرارها.

إيران والامارات:
أما ان يكون الاحتلال الايراني للجزر الاماراتية على نفس القدر من الاحتلال الاسرائيلي، فنعم ولا.

نعم حيث اغتصاب الارض من اصحابها مبدأ قام عليه الاحتلالان، ولا لأن الاحتلال الاسرائيلي قام على مبدأ الأبادة العرقية والتزوير التاريخي والاسر والقتل والمجازر، هنا تحديدا عليك ان تحذر اللغة، لان للواقع قيمة لغوية قد تختلف في معطيات عدة عن الجوهر الحقيقي للمعنى الخاص بالمصطلح.

ما على ايران اذن سوى اثبات حسن النوايا للعرب والبحث عن سبل التعاون المشترك بين الامارات وايران من اجل حل قضية اللغة تلك! ودحض مساعي امريكا واسرائيل لتحويل ايران الى عدو اول في المنطقة.
لينا أبو بكر
شاعرة عربية - لندن