ينقسمُ التشبيهُ باعتبار أداتهِ إلى:
1- التشبيهُ المرسَلُ:
هو ما ذكرِتْ فيه الأداةُ، كقول الشاعر[1]:
إنما الدنيا كبيتٍ -- نسجتْهُ العنكبوتُ
2ـ التشبيهُ المؤكَّدُ:
هو ما حذفتْ منه أداته، نحو: يسجعُ سجعَ القمريِّ ،وكقول الشاعر[2]:
أَنْتَ نجْمٌ في رِفْعةٍ وضِياءٍ -- تجْتَليكَ الْعُيُونُ شَرْقاً وغَرْبا
ومن المؤكدِ ما أضيفَ فيه المشبَّهُ به إلى المشبَّه، كقول الشاعر[3]:
وَالرِّيحُ تَعبَثُ بِالْغُصُونِ، وقَدْ جَرَى -- ذَهَبُ الأَصيلِ عَلى لُجَيْنِ الْمَاءِ
أي أصيلٌ كالذهبِ على ماءِ كاللجَين.
والمؤكَّدُ أوجزُ، وأبلغ، وأشدُّ وقعاً في النفس.أما أنه أوجز فلحذف أداته، وأما أنه أبلغ فلإيهامه أن المشبه عين المشبَّهِ به.
3- التشبيهُ البليغُ:
هو ما حُذفتْ فيه أداةُ التشبيهِ ووجهُ الشبَّهِ، نحو قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة/187] وكقول الشاعر[4]:
فاقضُوا مآربَكُم عِجالاً -- إنما أعمارُكم سفَرٌ من َالأسفارِ
ونحو قول الشاعر [5]:
عزماتهُم قُضُبٌ، وفيضُ أكفهم -- سحبٌ، وَبِيضُ وجوههم أقمارُ
والتشبيهُ البليغُ ما بلغَ درجةَ القبولِ لحسنهِ،أو الطيِّبَ الحسنِ، فكلما كانَ وجهُ الشبهِ قليلَ الظهور، يحتاجُ في إدراكهِ إلى إعمالِ الفكر كانَ ذلك أفعلَ في النفسِ وأدعَى إلى تأثُّرِها واهتزازِها، لما هو مركوزٌ في الطبعِ، منْ أنَّ الشيءَ إذا نيلَ بعدَ الطلبِ له، والاشتياقِ إليه، ومعاناة ِالحنينِ نحوَه كان نيلُه أحلَى، وموقعُه في النفس أجلَّ و ألطفَ، وكانتْ به أضنَّ وأشغفَ، وما أشبهَ هذا الضربُ من المعاني، بالجوهر في الصَّدفِ، لا يبرزُ إلا أنْ تشقَّهُ.
وسببُ هذه التسميةِ أنَّ ذكرَ الطرفينِ فقط، يوهمُ اتحادَهما، وعدمَ تفاضلهِما، فيعلو المشبَّهُ إلى مستوى المشبَّهِ به، وهذه هي المبالغةُ في قوةِ التشبيهِ.
صورُ وقوعِ التشبيهِ البليغ:
يقع التشبيهُ البليغُ على الصورِ الآتية:
1- أنَ يقعَ المشبَّهُ به خبراً، نحو : صدورُ الأحرارِ قبورُ الأسرار.
2- أنَ يقعَ مفعولاً ثانياً في بابِ علمتَ، نحو: علمتُ بذيءَ اللسانِ كلباً عقوراً.
3- أنَ يقعَ مصدراً مبيِّناً للنوعِ، كقوله تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ..} (88) سورة النمل.
4- أنْ يقعَ حالاً، نحو: كرَّ عليَّ أسداً.
5- أنْ يقعَ مبيِّناً للمشبَّهِ، كقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة/187].
6- أن َيقعَ مضافاً على المشبَّهِ به، نحو: عقيقُ الشفقِ وثوبُ العافيةِ
[1]- المدهش - (ج 1 / ص 178) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 13 / ص 39).
[2]- جواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 11)و الخلاصة في علوم البلاغة كامل - (ج 1 / ص 2)- تجتليك: تنظر إليك.
[3]- نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب - (ج 3 / ص 201) ونهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 1 / ص 78) وتاج العروس - (ج 1 / ص 29) والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 85) وجامع الدروس العربية للغلايينى - (ج 1 / ص 202) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 161).
[4]- نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب - (ج 6 / ص 327) والمدهش - (ج 1 / ص 114) والكشكول - (ج 1 / ص 410) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 72 / ص 23) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 451).
[5]- معاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 163).
التسميات
علم البلاغة