التّضمينُ[1]:
هو أن يضمِّنَ الشاعرُ كلامَه شيئاً من مشهورِ شعرِ الغير ِمع التنبيهِ عليه، إنْ لم يكن مشهوراً لدى نقادِ الشِّعر، وذوي اللسنِ، وبذلك يَزْدَادُ شعرهُ حُسْناً، كقول الصاحبِ بن عبَّاد [2]:
أَشكو إليكَ زماناً ظلَّ يعركني -- عَرْكَ الأديمِ من يَعْدو على الزَّمَنِ
وصاحباً كنتُ مغبُوطاً بصُحبتهِ -- دهراً فغادَرَني فَرْداً بلا سَكنِ
هبَّتْ لهُ ريحُ إقبالٍ فطارَ بها -- إلى السُّرورِ وأَلجاني إلى الحَزَنِ
نأَى بجانبه عنِّي وصَيَّرَني -- مع الأسى ودواعي الشَّوق في قَرَنِ
وباعَ صَفْوَ ودادٍ كنتُ أَقصُرُهُ -- عليه مجتهداً في السِّرِّ والعَلَنِ
وكان غالَى به حيناً فأرخَصَهُ -- يا من رأَى صَفْوَ وُدٍّ بيعَ بالغَبَنِ
كأَنَّه كانَ مطويًّا على إِحنٍ -- ولم يكن في قديمِ الدَّهْرِ أَنشدَني
إنَّ الكرام إذا ما أَيسروا ذكروا -- من كان يألفهم في المنزلِ الخَشِنِ
وكقول الشاعر[3]:
إذا ضاقَ صدري وخفتُ العدا -- تمثلتُ بيتاً; بحالي يليقْ
فباللهِ أبلغُ ما أرتجي -- وباللهِ أدفعُ ما لا أطيقْ
وكقول الحريري: يحكي ما قاله الغلامُ الذي عرضَه أبو زيد للبيعِ [4]:
على أَنِّي سَأُنْشِدُ عنْدَ بَيْعِي -- أَضاعُونِي وأَيّ فَتًى أَضَاعُوا
فالمصراعُ الأخيرُ للعرْجي، وهو محبوسٌ وأصله [5]:
أَضاعُوني وأيّ فتًى أَضَاعُوا -- ليوم كَريهَةٍ وسِدادِ ثَغْرِ
وصَبْر عندَ مُعْتَرَكِ المَنايا -- وقد شَرَعَتْ أَسِنَّتُها بنَحْرِي
أُجَرَّرُ في المجامِعِ كلّ يومٍ -- فيا للهِ مظلَمَتي وصَبْرِي
كأَنِّي لمْ أَكنْ فيهم وَسيطاً -- ولم تَكُ نسبَتِي في آلِ عمرو
[1]- البديع في نقد الشعر - (ج 1 / ص 59) والعمدة في محاسن الشعر وآدابه - (ج 1 / ص 138) وتحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 14) والمثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - (ج 1 / ص 267) ونهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 2 / ص 304) والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 130) ومفتاح العلوم - (ج 1 / ص 240) وكتاب الكليات ـ لأبى البقاء الكفومى - (ج 1 / ص 404).
[2]- معاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 418) وجواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 17).
[3]- الإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 130) وجواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 18).
[4]- مقامات الحريري - (ج 1 / ص 80) والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 130) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 414) وجواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 18).
[5]- تهذيب الآثار للطبري - (ج 1 / ص 207) وزهر الأكم في الأمثال و الحكم - (ج 1 / ص 310) وزهر الآداب وثمر الألباب - (ج 1 / ص 228) والمحاسن والمساوئ - (ج 1 / ص 176) والشعر والشعراء - (ج 1 / ص 125) ونهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 6 / ص 61) ومعجم الأدباء - (ج 2 / ص 482) وصبح الأعشى - (ج 2 / ص 409) والأغاني - (ج 1 / ص 113) والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 130) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 414) وجواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 18).
التسميات
علم البلاغة