تقسيم الاستعارة باعتبارِ الطرفينِ:
في الاستعارة باعتبار اللفظِ المستعارِ إن كان المستعارُ له محققاً حسًّا بأنْ يكونَ اللفظُ قد نقلَ إلى أمرٍ معلومٍ، يمكنُ أن يشارَ إليه إشارةً حسيةً كقولك: رأيتُ بحراً يعطي.
أو كانَ المستعارُ له محققاً عقلاُ بأنْ يمكنَ أن ينصَّ عليه، ويشارَ إليه إشارةً عقليةً، كقوله تعال: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة: 6] أي: الدينَ الحقَّ، فالاستعارةُ تحقيقيةٌ.
وإن لم يكنِ المستعارُ له محققاً، لا حسًّا ولا عقلا ً فالاستعارة ُتخييليةٌ، وذلك: كالأظفارِ، في نحو: أنشبتِ المنيةُ أظفارَها بفلانٍ.
وأما قولُ زهير[1]:
صَحا القَلبُ عن سلمى وأقصرَ باطِلُهْ -- وَعُرّيَ أفْرَاسُ الصِّبَا وَرَوَاحِلُهْ
فيحتملُ أنْ يكونَ استعارةً تخييليةً، وأنْ يكونَ استعارةً تحقيقيةً، أمَّا التخييلُ فإنه يكونُ أراد أنْ يبينَ أنه ترك ما كان يرتكبُه أو انَ المحبةِ من الجهلِ والغيِّ، وأعرضَ عن معاودتهِ فتعطلتْ آلاتهُ، كأيِّ أمرٍ وطِّنَ في النفس على تركه ِ ،فإنه تهمَلُ آلاتهُ فتتعطلُ، فشبَّه الصِّبا بجهةٍ من جهاتِ المسيرِ كالحجِّ والتجارة قضَى منها الوطرَ فأهملَ آلاتِها فتعطلتْ، فأثبتَ له الإفراسُ والرواحلُ، فالصَّبا على هذا من الصَّبوة[2] بمعنى الميلِ إلى الجهلِ والفتوة ِ،لا بمعنَى الفتاءَ[3] وأمَّا التحقيقُ فإنه يكونُ أرادَ دواعي النفوسِ وشهواتِها والقوى الحاصلةَ لها في استيفاءِ اللذاتِ أو الأسبابِ التي قلما تتآخذُ في اتباعِ الغيِّ إلا أوانِ الصِّبا.
[1]- الإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 100) و نقد الشعر - (ج 1 / ص 32) والوساطة بين المتنبي وخصومه - (ج 1 / ص 61) وسر الفصاحة - (ج 1 / ص 42) وتحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 21)و نهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 2 / ص 371) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 21 / ص 154) ومفتاح العلوم - (ج 1 / ص 166).
[2]- الصَّبْوَة جَهْلَة الفُتُوَّةِ واللَّهْوِ من الغَزَل ومنه التَّصابي والصِّبا صَبا صَبْواً وصُبُوّاً وصِبىً وصَباءً "لسان العرب - (ج 14 / ص 449).
[3]- الفَتاء بالفتح والمدّ: المصدَرُ مِن الفَتِيّ السِّنّ. يقال : فَتِيٌّ بَيِّن الفَتَاء : أي طَرِيُّ السِّنّ مختار الصحاح - (ج 1 / ص 234) والنهاية في غريب الأثر - (ج 3 / ص 778).
التسميات
علم البلاغة