الاشتغالُ: أن يَتقدَّمَ اسمٌ على من حقِّهِ أن يَنصِبَه، لولا اشتغالهُ عنه بالعمل في ضميرهِ، نحو: "خالدٌ أَكرمتُهُ".
(إذا قلت: "خالداً أكرمتُ"، فخالداً: مفعول به لأكرمَ. فان قلتَ: "خالدٌ أكرمته"، فخالدٌ حقه أن يكون مفعولاً به لأكرم أيضاً، لكنّ الفعلَ هنا اشتغل عن العمل في ضميره، وهو الهاء. وهذا هو معنى الاشتغال).
والأفضلُ في الاسم المقتدمِ الرفعُ على الابتداء، كما رأيتَ. الجملةُ بعدَهُ خبرهُ. ويجوز نصبُهُ نحو: "خالداً رأيتهُ".
وناصبُهُ فعلٌ وجوباً، فلا يجوزُ إظهارهُ. ويُقدَّرُ المحذوفُ من لفظِ المذكور. إلا أن يكونَ المذكورُ فعلاً لازماً متعدياً بحرف الجر، نحو: "العاجزَ أخذتُ بيدهِ" و "بيروتَ مررتُ بها"، فَيُقدّرُ من معناهُ.
(فتقدير المحذوف: "رأيت". في نحو "خالداً رأيته". وتقديره: "أعنت، أو ساعدت، في نحو: "العاجزَ أخذت بيده". وتقديره: "جاوزت" في نحو: "بيروتَ مررت بها").
وقد يَعرِضُ للاسمِ المُشتَغَلِ عنه ما يوجبُ نصبَهُ أو يُرَجّحُهُ، وما يوجبُ رفعَهُ أويُرَجّحُهُ.
فيجبُ نصبُهُ إذا وقعَ بعدَ أدواتِ التّحضيضِ والشرطِ والاستفهامِ غير الهمزةِ، نحو: "هلاّ الخيرَ فعلتَهُ. إنْ علياً لقيتَهُ فسَلّمْ عليهِ, هل خالداً أَكرمتَهُ؟".
(غير أن الاشتغال بعد أدوات الاستفهام والشرط لا يكون الا في الشعر. الا أن تكون أداة الشرط "أن" والفعل بعدها ماض، أو "إذا" مطلقاً، نحو: "إذا عليّاً لقيته، أو تلقاه فسلم عليه". وفي حكم "اذا". في جواز الاشتغال بعدها في النثر، "لو ولولا").
ويُرجَّحُ نصبُهُ في خمسِ صُوَر:
1- أن يقعَ بعد الاسمِ أمرٌ، نحو: "خالداً أَكرِمْهُ" و "عليّاً لِيُكرِمْهُ سعيدٌ".
2- أن يقعَ بعدَهُ نهيٌ، نحو: "الكريمَ لا تُهِنهُ".
3- أن يقعَ بعدَهُ فعلُ دُعائي، نحو: "اللهمَّ أمرِيَ يَسّرّهُ، وعَمَلي لا تُعَسّرْهُ". وقد يكونُ الدعاءُ بصورةِ الخبرِ، نحو: "سليماً غفرَ اللهُ لهُ، وخالداً هداهُ اللهُ".
(فالكلام هنا خبري لفظاً، انشائيَّ دعائي معنى. لأنّ المعنى: اغفر اللهم لسليم، واهدِ خالداً. وانما ترجح النصب في هذه الصور لأنك ان رفعت الاسم كان خبره جملة انشائية طلبية، والجملة الطلبية يضعف الإخبار بها).
4- أن يقعَ الإسمُ بعدَ همزة الاستفهام، كقوله تعالى: {أَبشَراً مِنّا واحداً نَتَّبعُهُ؟}.
(وانما ترجح النصب بعدها لأن الغالب ان يليها فعلٌ، ونصبُ الاسم يوجبُ تقديرَ فعل بعدها).
5- أن يقعَ جواباً لمُستفهَمٍ عنه منصوبٍ، كقولك: "عليّاً أَكرمتُهُ"، في جواب من قال: "مَنْ أَكرمتَ؟".
(وانما ترجح النصب لأنّ الكلام في الحقيقة مبنيّ على ما قبله من الاستفهام).
ويجبُ رفعُهُ في ثلاثة مواضعَ:
1- أن يقعَ بعدَ "إذا الفجائيَّةِ" نحو: "خرجت فإذا الجوُّ يَملَؤُهُ الضَّبابُ".
(وذلك لأن "اذا" هذه لم يؤوّلها العربُ الا مبتدأ، كقوله تعالى: {ونزعَ يده فإذا هي بيضاء للناظرين}، او خبراً، كقوله سبحانه: {فاذا لهم مكرٌ في آياتنا}. فلو نُصب الاسمُ بعدها، لكان على تقدير فعل بعدها، وهي لا تدخل على الأفعال).
2- أن يقعَ بعدَ واو الحال، نحو: "جئتُ والفرسُ يَركبُهُ أَخوكَ".
3- أن يقعَ قبلَ أدوات الاستفهام، أو الشرط، أو التحضيص، أو ما النافية، أو لامِ الإبتداء، أو ما التَّعجبيةِ، أو كم الخبرية، أو "إنَّ" وأَخواتها، نحو: "زُهيرٌ هل أَكرمتَهُ؟، سعيدٌ فأكرِمه، خالدٌ هلاَّ دعوتهُ، الشرُّ ما فعلتُهُ، الخيرُ لأنا أَفعلُهُ، الخلُق الحَسَنُ ما أَطيبَهُ!، زُهيرٌ كم أكرمتُهُ!، أُسامةُ إني أَحِبُّهُ".
(فالاسم في ذلك كله مبتدأ. والجملة بعده خبره. وانما لم يجز نصبه بفعل محذوف مفسر بالمذكور. لأن ما بعد هذه الأدوات لا يعمل فيما قبلها. وما لا يعمل لا يفسر عاملاً).
ويُرَجَّحُ الرفعُ، إذا لم يكن ما يوجبُ نصبَهُ، أو يرَجِّحُه، أو يوجبُ رفعَه، نحو: "خالدٌ أكرمتُهُ". لأنهُ إذا دار الامرُ بينَ التقديرِ وعدَمِهِ فتركهُ أولى.
التسميات
نحو عربي