أعلن ديريدا نهاية الميتافيزيقا على غرار مارتن هايدجر.
وفي هذا السياق، يقول ديريدا: "إن ديني لهايدجر هو من الكبر، بحيث إنه سيصعب أن نقوم هنا بجرده، والتحدث عنه بمفردات تقييمية أو كمية.
أوجز المسألة بالقول: إنه هو من قرع نواقيس نهاية الميتافيزيقا، وعلمنا أن نسلك معها سلوكا إستراتيجيا يقوم على التموضع داخل الظاهرة، وتوجيه ضربات متوالية لها من الداخل.أي: أن نقطع شوطا مع الميتافيزيقا، وأن نطرح عليها أسئلة تظهر أمامها من تلقاء نفسها عجزها عن الإجابة، وتفصح عن تناقضها الجواني.
إن الميتافيزيقا، كما عبرت عنه في موضع آخر، ليست تخما واضحا، ولادائرة محددة المعالم والمحيط، يمكن أن نخرج منها، ونوجه لها ضربات من هذا الخارج.
ليس هناك من جهة ثانية خارج نهائي أو مطلق. إن المسألة مسألة انتقالات موضعية، ينتقل السؤال فيها من طبقة معرفية إلى أخرى، ومن معلم إلى معلم، حتى يتصدع الكل، وهذه العملية هي مادعوته بالتفكيك."
وبهذا، يطعن ديريدا في الميتافيزيقا الغربية المبنية على المنطق، واللغة، والحضور، والتمركز العقلاني الذي يشكل معيار الحقيقة والبداهة واليقين... وهكذا.
فقد وظف ديريدا" قدرته الحوارية العالية، مستعينا بمقولة التمركز العقلي للعمل على إنشاء هيكل نظريته الشاملة، بمواجهة التراكم الهائل للميتافيزيقا الغربية، فبعد أن أفلح بتجزئة الألفاظ والفرضيات الأساسية، ثم تطوير الأبنية التناقضية والحجج التناقضية التي تنطوي عليها هذه الألفاظ والفرضيات، انتقل إلى صلب موضوعه، ألا وهو تفكيك النظم العامة للفكر الغربي، بدءا من أفلاطون، فأرسطو، وروسو، وديكارت، وفرويد، وصولا إلى معاصريه من الفينومينولوجيين، هؤلاء الذين نشأ معهم على إفرازات تلك النظم الفكرية من أمثال: هيدجر وهوسرل.
لقد قاده الاستقراء والوصف التفكيكي إلى نسف الزعم بوجود معنى موحد له هوية أو تطابق ذاتي؛ لأن عمله الذي نهض على التعارض وكشف الأبنية المتناقضة تبين، له وجود تعارض صميمي في هيكل تلك النظم، وهو ما أمده بوسائل متطورة لتفكيك تلك النظم من الداخل بوساطة إعادة قراءتها من جديد."
التسميات
تفكيكية