واجه المغرب بعد الاستقلال تحديين أساسيَّين: استكمال وحدته الترابية، وإرساء دولة القانون والمؤسَّسات.
اختارت أغلبية القوى السياسية للبلاد غداة الاستقلال، أن تمنح الأولوية لبناء الدولة وللتنمية في أغلب المناطق المحررة من المملكة، مع مواصلة الكفاح لتحرير المناطق التي لا تزال سليبة. ومع نهاية هذا الكفاح، اختار بعض قادته التموقع في معارضة النظام، معارضة كانت مطبوعة ببعض أعمال العنف، بشكل متعارض مع مجموع القوى السياسية الأخرى. وسرعان ما تمكن المغرب من استرجاع كل من طرفاية (1958) وإيفني (1969) وفي ما بعد الأقاليم الصحراوية سنة 1979.
عرف المغرب منذ الاستقلال حياة دستورية ونقاشًا متواترًا حول الدستور، حيث أُجرِيَت مبكرًا استشارات وطنية واسعة ومتكررة بين جميع القوى السياسية، كما أنه في انتظار اكتمال البنيات التنظيمية للبلاد، تمَّ اعتماد قانون أساسي، يُعَدُّ مدوَّنة للحريات العامَّة والجمعيات والصحافة. ولقد أثارت كيفية إعداد الدستور، في حدِّ ذاتها، في البداية، بعض التوتر السياسي، إذ ساند جناح من المعارضة اليسايرية المطالبة بجمعية تأسيسية لوضع القانون الأساسي للبلاد، فيما لم تكُن القوى السياسية الأخرى ترى ضرورة لذلك. ولقد وقع اختيار المغرب على نظام خاصّ به هو "الملكية الديموقراطية والاجتماعية"، ذات المؤسَّسات التمثيلية للشعب، يلعب فيها الملك دورًا حاسمًا على عدة مستويات، منها كونه رئيس الدولة والمسؤول عن الجهاز التنفيذي. وقد كانت أغلبية المعارضة اليسارية ترغب في البداية في إعادة تنظيم السلطة وضمان السيادة الواسعة للمجلس البرلماني، وفي أن يتحمل الوزير الأول المسؤولية شبه التامَّة للجهاز التنفيذي. وقد قدم أول دستور مغربي أجوبة سيظل بعضها ثابتًا في المراجعات اللاحقة، فيما تمَّ تغيير البعض الآخر، مع التذكير بأن هذا الدستور تمَّ اعتماده عن طريق الاستفتاء في7 دجنبر 1962، وحظي بدعم بعض القوى السياسية، في حين قاطعته المعارضة اليسارية بشدة. ومن الثوابت الرئيسية التي جاء بها هذا الدستور:
- الملك أمير المؤمنين والممثِّل الأسمى للأُمَّة ورمز وحدة البلاد وضمان الحريات والحقوق الأساسية للمواطنين.
- يحتفظ الملك بالسلطات التنفيذية والتنظيمية وبصلاحيات التسمية التي يمكن أن يفوضها.
- الحريات والحقوق الأساسية للمواطن منصوص عليها ومضمونة بالدستور، ولا يمكن ممارستها إلاَّ بمقتضى قوانين.
- إقرار مبادئ فصل السلطات واستقلال القضاء.
- يملك البرلمان السلطة التشريعية في ميادين يحدِّدها الدستور، وكذا سلطة مراقبة وتأنيب الحكومة.
- دور الأحزاب السياسية معترف به، ويمنع الدستور الحزب الواحد.
- لا يمكن أن تطال أي مراجعة للدستور بالنسبة إلى الدين الإسلامي أو النظام الملكي للحكم.
وقد عرف دستور 1962 عدة تعديلات، آخرها تعديل 1996. أهمّ هذه التعديلات: اعتماد نظام الغرفتين الدستوريتين، وتصويت مجلس النواب على الحكومة، وإحداث المجلس الدستوري، وتوسيع سلطات الوزير الأول بتخويله صلاحية اقتراح الوزراء على الملك، وتعزيز سلطة مراقبة البرلمان على الحكومة، والإعلان عن تمسك المغرب بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها على الصعيد الدولي.
أما على مستوى التمثيلية الجماعية، فقد قام المغرب منذ سنة 1960 بتنظيم أول انتخابات في تاريخه بالاقتراع العامِّ المباشر، ليدخل بذلك تجرِبة الديموقراطية الترابية، التي كانت خجولاً في البداية، والتي ما فتئت تعرف تطوُّرًا مهمًّا في ما بعد، بموجب الميثاق الجماعي لسنة 1976، لتزداد اتساعا وعمقا بفضل الميثاق الجماعي الذي تمَّ اعتماده سنة 2002. ولقد أجريت الاستحقاقات الانتخابية الجماعية بانتظام، وتمكنت المجالس المنبثقة عنها من ترصيد تجرِبة مهمَّة في ميدانَي المداولات والتدبير الْمَحَلِّيّ.
وعلى الرغم من التجاوزات التي كانت تشوب جلَّ الاستحقاقات السابقة فإن المسلسل الديموقراطي استطاع أن ينتقل إلى مستوى أفضل منذ 2002 وذلك بفضل التوافق الوطني الذي حصل سنة 1998 بين المؤسَّسة الملكية والقوى الوطنية التقدمية الذي أدَّى بالبلاد إلى الدخول في التناوب الحكومي حيث وصلت المعارضة السابقة الممثلة في ما يسمى "الكتلة الوطنية الديموقراطية" إلى الحكم إلى جانب قوى سياسية أخرى. ويُعتبر هذا التوافق شكلاً من أشكال الديموقراطية سبق لبعض قوى اليسار المغربي أن نادى به منذ أواسط السبعينيات من القرن الماضي.
اختارت أغلبية القوى السياسية للبلاد غداة الاستقلال، أن تمنح الأولوية لبناء الدولة وللتنمية في أغلب المناطق المحررة من المملكة، مع مواصلة الكفاح لتحرير المناطق التي لا تزال سليبة. ومع نهاية هذا الكفاح، اختار بعض قادته التموقع في معارضة النظام، معارضة كانت مطبوعة ببعض أعمال العنف، بشكل متعارض مع مجموع القوى السياسية الأخرى. وسرعان ما تمكن المغرب من استرجاع كل من طرفاية (1958) وإيفني (1969) وفي ما بعد الأقاليم الصحراوية سنة 1979.
عرف المغرب منذ الاستقلال حياة دستورية ونقاشًا متواترًا حول الدستور، حيث أُجرِيَت مبكرًا استشارات وطنية واسعة ومتكررة بين جميع القوى السياسية، كما أنه في انتظار اكتمال البنيات التنظيمية للبلاد، تمَّ اعتماد قانون أساسي، يُعَدُّ مدوَّنة للحريات العامَّة والجمعيات والصحافة. ولقد أثارت كيفية إعداد الدستور، في حدِّ ذاتها، في البداية، بعض التوتر السياسي، إذ ساند جناح من المعارضة اليسايرية المطالبة بجمعية تأسيسية لوضع القانون الأساسي للبلاد، فيما لم تكُن القوى السياسية الأخرى ترى ضرورة لذلك. ولقد وقع اختيار المغرب على نظام خاصّ به هو "الملكية الديموقراطية والاجتماعية"، ذات المؤسَّسات التمثيلية للشعب، يلعب فيها الملك دورًا حاسمًا على عدة مستويات، منها كونه رئيس الدولة والمسؤول عن الجهاز التنفيذي. وقد كانت أغلبية المعارضة اليسارية ترغب في البداية في إعادة تنظيم السلطة وضمان السيادة الواسعة للمجلس البرلماني، وفي أن يتحمل الوزير الأول المسؤولية شبه التامَّة للجهاز التنفيذي. وقد قدم أول دستور مغربي أجوبة سيظل بعضها ثابتًا في المراجعات اللاحقة، فيما تمَّ تغيير البعض الآخر، مع التذكير بأن هذا الدستور تمَّ اعتماده عن طريق الاستفتاء في7 دجنبر 1962، وحظي بدعم بعض القوى السياسية، في حين قاطعته المعارضة اليسارية بشدة. ومن الثوابت الرئيسية التي جاء بها هذا الدستور:
- الملك أمير المؤمنين والممثِّل الأسمى للأُمَّة ورمز وحدة البلاد وضمان الحريات والحقوق الأساسية للمواطنين.
- يحتفظ الملك بالسلطات التنفيذية والتنظيمية وبصلاحيات التسمية التي يمكن أن يفوضها.
- الحريات والحقوق الأساسية للمواطن منصوص عليها ومضمونة بالدستور، ولا يمكن ممارستها إلاَّ بمقتضى قوانين.
- إقرار مبادئ فصل السلطات واستقلال القضاء.
- يملك البرلمان السلطة التشريعية في ميادين يحدِّدها الدستور، وكذا سلطة مراقبة وتأنيب الحكومة.
- دور الأحزاب السياسية معترف به، ويمنع الدستور الحزب الواحد.
- لا يمكن أن تطال أي مراجعة للدستور بالنسبة إلى الدين الإسلامي أو النظام الملكي للحكم.
وقد عرف دستور 1962 عدة تعديلات، آخرها تعديل 1996. أهمّ هذه التعديلات: اعتماد نظام الغرفتين الدستوريتين، وتصويت مجلس النواب على الحكومة، وإحداث المجلس الدستوري، وتوسيع سلطات الوزير الأول بتخويله صلاحية اقتراح الوزراء على الملك، وتعزيز سلطة مراقبة البرلمان على الحكومة، والإعلان عن تمسك المغرب بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها على الصعيد الدولي.
أما على مستوى التمثيلية الجماعية، فقد قام المغرب منذ سنة 1960 بتنظيم أول انتخابات في تاريخه بالاقتراع العامِّ المباشر، ليدخل بذلك تجرِبة الديموقراطية الترابية، التي كانت خجولاً في البداية، والتي ما فتئت تعرف تطوُّرًا مهمًّا في ما بعد، بموجب الميثاق الجماعي لسنة 1976، لتزداد اتساعا وعمقا بفضل الميثاق الجماعي الذي تمَّ اعتماده سنة 2002. ولقد أجريت الاستحقاقات الانتخابية الجماعية بانتظام، وتمكنت المجالس المنبثقة عنها من ترصيد تجرِبة مهمَّة في ميدانَي المداولات والتدبير الْمَحَلِّيّ.
وعلى الرغم من التجاوزات التي كانت تشوب جلَّ الاستحقاقات السابقة فإن المسلسل الديموقراطي استطاع أن ينتقل إلى مستوى أفضل منذ 2002 وذلك بفضل التوافق الوطني الذي حصل سنة 1998 بين المؤسَّسة الملكية والقوى الوطنية التقدمية الذي أدَّى بالبلاد إلى الدخول في التناوب الحكومي حيث وصلت المعارضة السابقة الممثلة في ما يسمى "الكتلة الوطنية الديموقراطية" إلى الحكم إلى جانب قوى سياسية أخرى. ويُعتبر هذا التوافق شكلاً من أشكال الديموقراطية سبق لبعض قوى اليسار المغربي أن نادى به منذ أواسط السبعينيات من القرن الماضي.
التسميات
مغرب