القانون الدستوري والقانون الدولي العام.. تنظيم علاقة الدولة بالأفراد الخاضعين لسلطانها وتنظيم علاقة الدولة بغيرها من الدول والهيئات أو المنظمات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن

يقوم كل من القانون الدستوري والقانون الدولي العام Public International law بدراسة زاوية معينة من زوايا موضوع الدولة.

فيهتم القانون الدستوري ببحث القواعد الخاصة بنظام الحكم في داخل الدولة، أي بتنظيم علاقة الدولة بالأفراد الخاضعين لسلطانها.

أما القانون الدولي العام فيتولى تنظيم علاقة الدولة بغيرها من الدول والهيئات أو المنظمات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن وما يتفرع عنهما من مؤسسات وهيئات.

وواضح من ذلك أن مجال القانون الدستوري يختلف عن مجال القانون الدولي العام.
فبينما يهتم الأول بنشاط الدولة من الناحية السياسية في المجال الداخلي، نجد الثاني يعطي اهتمامه لدراسة أوجه نشاط الدولة في المجال الخارجي.

إلا أن هذا الاختلاف لا يعني الانفصال الكامل بين القانونين، ولئن كان الأصل هو الانفصال، فهذا لا يحول دون قيام نوع من الاتصال بينهما.

ويرجع ذلك إلى أن كلا القانونين يبحث جانباً من جوانب الدولة، باعتبارها عنصراً مشتركاً بينهما. فإذا كان القانون الدستوري كما يذهب بعض أساتذة القانون الدستوري  يعالج بصفة أساسية تكوين الدولة وبيان سلطاتها وتكوين هذه السلطات، فإن ذلك يستلزم بحث موضوع سيادة الدولة من حيث كونها دولة كاملة السيادة أو دولة ناقصة السيادة، ومن حيث كونها دولة بسيطة أو دولة مركبة، إذ يتوقف على تحديد نوع الدولة مدى ما تتمتع به من حق في وضع نظامها الدستوري.

ومن مظاهر الصلة بين القانونين إحالة كل منهما على قواعد الآخر، فقد يحيل القانون الدولي العام على القانون الداخلي مسألة تحديد القواعد المتعلقة بالجنسية، حينما يقوم بتحديد مركز الأجانب وتنظيم حقوقهم وواجباتهم.

كما قد يحيل القانون الداخلي على القانون الدولي مسألة تعيين طوائف الممثلين السياسيين حينما يقوم بتحديد مركز هؤلاء الممثلين السياسيين في الدولة وبيان حقوقهم وواجباتهم.

وفضلاً عن ذلك، فإن قواعد القانون الدولي العام تتأثر بالنظام الدستوري في الدولة. فالدساتير تتضمن عادة نصوصاً تنظم تمثيل الدولة في الخارج، وتبين دور البرلمانات واختصاصاتها في الشؤون الدولية مثل التصديق على المعاهدات، والموافقة على إعلان الحرب أو عقد الصلح.

كما تتضمن الدساتير النص على مدى قوة المعاهدات في داخل الدولة، وما إذا كانت تنفذ من تلقاء ذاتها أم تحتاج إلى صدور تشريع خاص يقرر نفاذها.
وكذلك إيضاح القيود التي ترد على اختصاص الهيئات الحاكمة في تعديل بعض المعاهدات الدولية.

ولا شك أن الاتجاهات أو الميول السياسية لنظام الحكم داخل الدولة - وهو ما يهتم به القانون الدستوري - لها أثرها الواضح في علاقات هذه الدولة بغيرها من الدول، فقد تقطع بعض الدول علاقاتها الدبلوماسية بدولة ما، أو ترفض الاعتراف بهذه الدولة - وهو مما يهتم به القانون الدولي العام - إذا رأت أن مثل هذه الاتجاهات أو تلك الميول السياسية تتعارض ومصالحها القومية العليا، أو لا تتفق مع ميولها واتجاهاتها السياسية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال