المرحلة الأولى لمسيرة التأمين في المملكة: غياب نظام الرقابة علي شركات التأمين (ما قبل عام 1424هـ):
تعود بدايات النشاط التأميني في المملكة إلي الثلاثينيات من القرن الميلادي الماضي، وكان نشاط التأمين آنذاك يتم بواسطة وكلاء محليين لشركات أجنبية وكان أكثر أنواع التأمين شيوعا هو التأمين علي البضائع الواردة إلي المملكة.
وقد تم إصدار نظاماً عصرياً آنذاك للتأمين علي السفن المحملة بالبضائع أو الفارغة وعلي معدات السفن وآلاتها وجهازها ومئونتها وأجور الشحن وعلي البضائع وعلي كل ما كان له ثمن ويمكن أن يصادف خطراً بحرياً.
وقد أوضحت مواد النظام التفاصيل التي يجب أن تحتوي عليها وثيقة التأمين البحري حسب الأصول التي كانت سائدة آنذاك.
وبدأ المجتمع السعودي يتعرف أكثر على نشاط التأمين عن طريق الشركات الأجنبية المنقبة عن النفط إذ حرصت تلك الشركات علي التأمين علي موظفيها وعمالها وآلاتها وبضائعها وذلك بالاستعانة ببعض شركات التأمين الأجنبية التي كان لها فروع في بعض الدول القريبة مثل البحرين.
ومع إنشاء شركة أرامكو تطورت الأمور قليلاً حيث أصبح العمال السعوديين مشمولين بالتأمين الطبي وتأمين إصابات العمل وغيرها من التأمينات وجري التأمين علي أنشطة الشركة داخل المملكة.
بيد أن كل ذلك كان يتم من خلال وكلاء محليين لشركات أجنبية.
ومع ظهور الطفرة النفطية ولتلبية النمو المستمر علي المنتجات التأمينية المختلفة، توسعت تجربة وكلاء التأمين المحليين الذين يمارسون النشاط التأميني عبر اسم احدي الشركات الأجنبية المعروفة.
ويعتبر العام الميلادي 1974 بداية المساهمات المحلية في شركات التأمين.
غير أن النشاط التأميني في تلك الفترة كان يتم من خلال صيغة التأمين التجاري.
وقد تضمنت تلك التجربة بعض السلبيات منها:
- نتيجة لصغر حجم تلك الشركات نسبياً ومحدودية خبراتها، فإن نسبة كبيرة من المخاطر المؤمن عليها كان يتم إعادة تأمينها لدي شركات تأمين خارجية، مما أدي إلى تدفق مبالغ طائلة من أقساط التأمين إلي خارج الاقتصاد الوطني لصالح شركات التأمين الأجنبية.
- ضعف قدرة المؤمن لهم على استيفاء حقوقهم من شركات التأمين الأصلية بسبب عدم وجود أنظمة وقوانين تنظم هذه العملية وبالتالي تحافظ علي حقوقهم.
ونظراً لأهمية وجود خدمات شركات التأمين ولعدم توافق نظام عمل شركات التأمين التجاري العاملة في المملكة مع الشريعة الإسلامية، كان من الضروري إيجاد نظام تأمين يتوافق مع الشريعة الإسلامية.
هذا النظام البديل ظهر في صورة صيغة التأمين التعاوني الذي تبنته واعتمدته هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بقرارها رقم 51 وتاريخ 1397/4/4 هـ.
وقد مثل هذا القرار تحولاً جوهرياً لنشاط التأمين بإضفاء الشرعية عليه بعد أن كانت النظرة العامة إليه كنشاط محرم شرعاً.
وقد نتج عن هذا تأسيس الشركة الوطنية للتأمين التعاوني (التعاونية للتأمين) بقرار من مجلس الوزراء رقم 292 وتاريخ 1404/12/22هـ (الموافق لعام 1986م) من واقع ثلاث مؤسسات تملكها الدولة وأعطي لها الأولوية لتأمين كافة المشاريع الحكومية والأخطار الكبيرة للقطاع الخاص وعقود المقاولين ومصافي البترول والصناعات البتروكيمائية وخلافه، وذلك لضمان بقاء أكبر قدر من أقساط التأمين داخل الاقتصاد المحلي.
وقد كان لهذه الشركة الفضل في توسيع قاعدة التأمين التعاوني وطرح الكثير من منتجاته في السوق وتقديم تجربة متميزة في هذا المجال.
وتعتبر هذه الشركة الآن الشركة السعودية الأكبر حجما والأقوى في السوق أداء وتجربة.
وقد تعددت الدراسات والأرقام حول عدد الشركات المزاولة لنشاط التأمين في تلك الفترة (ما قبل عام 1424هـ)، من هذه الدراسات الدراسة التي أعدتها وزارة التخطيط بمشاركة الجهات المختصة في وزارة المالية والاقتصاد الوطني عام 1405 هـ، حيث قدر عدد الشركات في مجال التأمين بـ 107 شركة ووكالة ومكتب سمسرة تعمل غالبيتها تحت مظلة وكلاء سعوديين.
وقد اتسمت هذه الفترة بأن الكثير من شركات التأمين كانت تباشر نشاطها وأعمالها داخل المملكة وفق معايير مهنية متواضعة وبصورة غير منظمة، الأمر الذي أدي إلي انتشار عمليات التحايل، حيث كانت بعض هذه الشركات تحصل علي أقساط التأمين دون الوفاء بالتزاماتها تجاه حاملي وثائق التأمين، وبدون تقديم خدمات تأمينية علي الوجه المطلوب.
كذلك أتسمت تلك الفترة بعدم وجود أي جهة لحل منازعات التأمين، حيث لم يكن هناك سوي هيئة حسم المنازعات التجارية التابعة لمجلس الغرف التجارية والصناعية والتي كان يغلب عليها التحكيم، إضافة إلي أنه لم يكن هناك أي تنظيم أو إشراف حكومي علي عمل شركات التأمين.
وبينما شهدت كافة قطاعات النشاط الاقتصادي نمواً كبيراً منذ بداية السبعينات من القرن الميلادي الماضي، كان من المأمول نتيجة لذلك أن ينمو حجم النشاط التأميني وأن تكون المملكة في مقدمة الدول من حيث حجم النشاط التأميني.
ولكن الواقع شهد تباطؤ معدل نمو قطاع التأمين في تلك الفترة.
ويمكن إرجاع التباطؤ في معل نمو قطاع التأمين في هذه الفترة إلي عاملين أساسيين هما:
1- العامل الديني والاجتماعي:
ويتعلق بالقبول العام لأنشطة التأمين والذي يقرره مدي الاعتقاد بتوافق هذه الأنشطة مع الشريعة الإسلامية.
2- العامل النظامي:
ويتعلق بتوافر الإطار التشريعي والمؤسسي المحكم الذي يحفز علي قيام منظومة تأمين متكاملة الأسس والقواعد والإجراءات.
التسميات
تأمين سعودي