تكوين المدرس وعلاقته بالنظام التربوي والبناء المجتمعي.. المدرسة تنتج تأهيلات ومستويات مشهودا لها بكفايات وأفرادا لهم عدد معين من المواقف والاستعدادات

لا يمكن عزل الحديث عن تكوين المدرس عن النظام التربوي، ولا عن علاقة هذا النظام بالبناء المجتمعي.

ومن ثم، لا يمكن عزل كل ذلك عن مجموع التحولات التي تدفع إلى مساءلات قوية لمجموعة من القناعات التي لم تعد تكتسب الاستمرارية إلا من إصرار لا يأخذ في اعتباره حركة الوضعيات ونشاطها.

وفي هذا الإطار، تبدو علاقة جدلية غير قابلة للانفصام بين البنية المجتمعية والنظام التربوي، أو بالأحرى بين المشروع المجتمعي والنظام التربوي أساسا ومآلا، بحيث ينعكس التأثير في المجالين بما يجعل كل فعل في أحدهما يستلزم فعلا في الآخر.

وهذا ما يوضح  أن "المدرسة لا تنتج تأهيلات ومستويات مشهودا لها قليلا أو كثيرا بكفايات، فحسب، بل تنتج كذلك أفرادا لهم عدد معين من المواقف والاستعدادات".

ولعل ما يميز هذه العلاقة الجدلية المشار إليها أنها تتسم بالحركية الشديدة والتحول المستمر، خاصة في عالم يعج بتحولات كبرى، وبتطورات متسارعة، جعلت جان مارك سالمون Jean Marc Salmon يسميه عالم السرعة الكبرى حيث تم تقلص الفضاء والزمان، وتبلور الحامل التكنولوجي لعولمة الكوكب، وهو ما سمح تزامنيا بتحقيق تجدد لا نهائي للمعلومات.

ويظهر أن عدم أخذ هذا المعطى بعين الاعتبار هو سقوط حتمي في غيبوبة تاريخية لن تكون آثارها إلا مزيدا من التخلف والتردي.

إن أهم ما يميز هذه التحولات أنها من الاتساع والشمول بحيث لم يبق مجال إلا ووصلته آثارها الإيجابية أو السلبية، وهو ما يجعلها تحمل مفارقة واضحة، فهي بقدر ما تقدم من الرهـانات والوعود، بقدر  ما تفرض من الصعوبات والتحديات التي تفرض إعادات نظر عميقة في المؤسسات والوظائف والأدوار.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال