مصادر الشعر الجاهلي.. اتباع علمية مناهج سليمة تحرص على تسلسل الرواية وصحة الإسناد لتدوين أشعار القبائل وصناعة دواوين الشعراء الجاهليين والمخضرمين والإسلاميين

تبنى العلماء في روايتهم للشعر العربي القديم مناهج سليمة تحرص على تسلسل الرواية وصحة الإسناد.

وقد بلغت هذه المناهج العلمية درجة النضج والاستواء في العصر العباسي وخاصة في القرنين الثاني والثالث الهجريين، فظهر تدوين أشعار القبائل، وصناعة دواوين الشعراء الجاهليين والمخضرمين والإسلاميين، وتصنيف المجموعات الشعرية المختارة، أو الاختيارات الشعرية التي اهتم بها النقاد واللغويون والنحاة، لأنها تضم أكثر من عصر شعري واحد، ولأنها قائمة على مبدأ الانتقاء والجودة والذوق في حسن الاختيار، وتبويبه فضلا عن قيمتها العلمية والتأريخية.

وهذه المجموعات كلها في الواقع لم تكن إلا المدرسة الكبرى التي تخرج فيها الشعراء المحدثون في العصر العباسي.

إن الاختيارات الشعرية، أو مجموعات الشعر المختار، كحماسة أبي تمام والمفضليات تنطوي على بعض الخصائص والسمات النقدية العامة بصورة غير مباشرة لأنها تقوم في الأصل على تحكيم الذوق في العناصر الفنية التي تسري في داخل قصائدها.

إذ ليس مدار الأمر فيها على التتبع والتقصي والاكتفاء بالرصد والتسجيل، بل على اصطفاء الأجمل، وانتقاء الأفضل، واختيار الأمثل، وهذا منطلق النقد وأساس الحكم الأدبي.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال