الحقيقة أن مفهوم الكفاية مفهوم جديد على اللغة العلمية، سواء في علم النفس أو علوم التربية أو في مجال التشغيل و التسيير وتدبير المقاولات والموارد البشرية وغيرها من المجالات، حيث ساد الحديث عن الإمكانات والاستعدادات Aptitudes وعن الميول Intérêts وعن سمات الشخصية Traits de personnalité، على اعتبارها تمثل الخصائص النفسية التي تميز الأفراد.
لكن شيئا فشيئا بدأ مفهوم الكفاية يغزو مختلف الحقول العلمية ويحتل تلك المفاهيم أو يكملها ويغنيها.
وفي مجال البحث التجريبي في علم النفس لم يتم الاعتراف بمفهوم الكفاية كمفهوم يمكن أن يخضع للضبط و القياس إلا في العشرية الأخيرة من القرن المنصرم.
وعند تصفحنا لمختلف القواميس المختصة في علم النفس، نجدها لا تخص هذا المفهوم سوى بحصة ضعيفة تكاد لا تذكر.
وهكذا فإننا لا نعثر على كلمة كفاية Compétence في قاموس السيكولوجيا لروبير لافون R . Lafon في حين يقدم المنجد الكبير للسيكولوجيا، Larousse 1991 معنيين لكلمة كفاية: المعنى الأول يخص مجال سيكولوجية النمو، حيث يقد بها مجموع الإمكانات للاستجابات الأولية تجاه البيئة المحيطة .
في حين يتموضع المعنى الثاني ما بين علم النفس واللسانيات و يندرج ضمن علم النفس اللغوي Psycholinguistique، حيث تعني الكفاية مجموع المعارف اللسنية لدى المخاطب تمكنه من فهم و إنتاج عدد لا نهائي من الجمل.
أما في مجال الشغالة L'ergonomie (وهي الدراسة التي تهدف تنظيم الشغل) فإننا نجد ديمنطومولان M . de Montemollin أول من كان له الفضل في إدخال هذا المفهوم إلى هذا الميدان (1984)، حيث اعتقد أنه أصبح من الضروري استعماله، "إذا رغبنا ليس فقط في الوصف بل أيضا وربما في الدرجة الأولى التفسير و التحليل، أي تفسير السلوكيات المهنية".
إن أنشطة العمال تفترض: "شيئا، هو عبارة عن بنية أو بنيات جاهزة و ملائمة لإنجاز بعض المهام".
وفي مؤلف جماعي مخصص لنماذج تحليل وضعيات العمل، يتساءل لوبلاط J . Leplat: "لماذا إدخال في مجال الأركونومي (الشغالة)، مفهوم الكفاية؟ وما الفائدة المرجوة من وراء ذلك؟".
يعتقد لوبلاط أن مفهوم الكفاية لا يختلف كثيرا عن بعض المفاهيم القريبة مثل:
المهارة = Habilité
حسن الأداء = Savoir-faire
الخبرة = Expertise
القدرة = Capacité
ويُصرح أن هذه الكلمات عادة ما يشرح بعضها البعض الآخر وعادة ما يتم استعمال الواحدة منها مكان الأخرى.
كما يميز لوبلاط بين تصورين مختلفين لمفهوم الكفاية:
التصور السلوكي = Behavioriste
التصور المعرفي (الذهني) = Cognitiviste
فإذا كان التصور السلوكي يعرف الكفاية بواسطة الأعمال والمهام Tâches التي يقدر الفرد على إنجازها، فإن التصور المعرفي على العكس، ينظر إلى الكفاية كإستراتيجية و "نظام من المعارف يمكن من احتواء و تأطير النشاط".
و يستنبط لوبلاط للكفاية ثلاث خصائص:
1- الكفايات غائية إننا أكفاء لأجل... إن الكفايات حسب هذه الخاصية، معارف إجرائية ووظيفية تتجه نحو العمل ولأجل التطبيق، إي على اعتبار مدى الاستفادة منها في تحقيق الهدف.
2- الكفايات مكتسبة: لأننا نصير أكفاء، إن الكفايات تكتسب بالتعلم في المدرسة أو في مكان العمل وغيرهما.
3- الكفايات مفهوم افتراضي ـ مجرد: إن الكفايات داخلية لا يمكن ملاحظتها إلا من خلال نتائجها وتجلياتها والمؤشرات التي تدل على حصولها، أي من خلال ما ينجزه الفرد المالك لها.
التسميات
مفهوم الكفايات