تقوم الفكرة الأساسية لهذا العامل على وجود ثقافة ضمنية من طبيعة شمولية تقف في وجه الثقافة المكتوبة التي تروجها المدرسة، إنها لا تناقض فقط الثقافة المدرسية المكتوبة، ولكن فعل المقاومة يبقى متبادلاً.
وتحيل أطروحة مقاومة الثقافة الفرعية للثقافة المدرسية على النظرية الوظيفية كما نشأت وتطورت مع بارسونز وميرتون وصولاً إلى ماسغرايف.
فقد حصر هذا الأخير وظيفة النظام التربوي في: الوظيفة المحافظة، الوظيفة التجديدية، الوظيفة السياسية، وظيفة الانتقاء الاجتماعي، الوظيفة الاقتصادية.
غير أن ما يهمنا هنا هو تلك الوظائف المرتبطة بالتجديد والانتقاء، وهي الوظائف التي عبرها يتم تمرير الثقافة.
غير أن ماسغرايف، وعلى الرغم من إدراجه ضمن التيار الوظيفي، فإنه يطرح تساؤلاً خاصاً مفاده:
هل ينقل النظام التربوي ثقافة واحدة أم ثقافات؟
وكيف تنتج الثقافة؟
هل من المجتمع، أم من التاريخ، أم من الدين، أم من عمليات التفاعل بين الأفراد الذين يجدون أنفسهم مضطرين للدخول في مختلف أشكال الصراع أو التوافق؟
هل يكتسب الإنسان القيم والعادات والتقاليد من مؤسسة المدرسة أم أنه ينتجها؟
وحين إنتاجها، هل يكتفي بنسخها أم يضيف عليها ويعدلها؟
وهل تأتي الثقافة فقط من المدرسة أم من القيم والعادات السائدة؟
تحيل هذه الأسئلة على إشكاليات شغلت الكثير من الباحثين، وأثارت على امتداد تاريخ الفلسفة والعلوم الإنسانية ردود فعل مختلفة.
إن عملية تكوين الثقافة؛ سواء في شقها النظامي الذي تسهر عليه المؤسسات الرسمية، أم في شقها الشعبي الذي ينبثق من تفاعل الأفراد مع محيطهم، تندرج ضمن ما يمكن تسميته تفاعل الأفراد مع بيئتهم واستجاباتهم للحاجات المتجددة.
الثقافة والمجتمع والتاريخ والمدرسة ومؤسسات الإعلام ووسائل الاتصال عناوين بارزة لعلاقة جدلية تندرج فيها عمليات تكوين الشخصية الإنسانية في إطار علاقة شرطية، لا تشكل فيها ثقافة المدرسة سوى لحظة، وعلى الرغم من فاعليتها، فإنها تبقى مجرد لحظة من لحظات التكوين الثقافي.
التسميات
فشل دراسي